وال–
عاد الجمود ليسيطر على المشهد السياسي في ليبيا منذ نحو الأسبوع، على الرغم من الخطوة التي أقدم عليها عدد من أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، باجتماعهم في تونس، الأسبوع الماضي، والتي كسرت حدة الجمود نسبياً، خصوصاً بعد أن وجه لهم المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، خطاباً اشتبك فيه مع مخرجات اجتماعهم. وأكد باتيلي أن الاجتماع لن يكون بديلاً عن مبادرة الحوار التي يقودها، وتضم أطرافاً أخرى غير المجلسين.
وعقب إعلان الأمين العام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، تعيين ستيفاني خوري نائبة جديدة لباتيلي، الجمعة الماضي، تراجع الحديث عن كل شيء يتعلق بالعملية السياسية، ليحل مكانه الحديث عن تعيين خوري.
ولم يتوقف نشطاء ومراقبون عن قراءة قرار التعيين وتوقيته، خصوصاً جنسية خوري الأميركية، واسمها المطابق لاسم ستيفاني وليامز الدبلوماسية الأميركية، والتي تولت ذات المنصب خلال عامي 2021 و2022.
وأعاد تعيين خوري للأذهان مشاهد قيادة وليامز الصارمة للحوار السياسي بعد أن كان على وشك الانهيار. ويومها كانت جهود الأمم المتحدة على وشك أن تذهب أدراج الرياح على يد المبعوث الأممي حينها، غسان سلامة، صاحب الاستقالة المفاجئة والتي أفسحت لوليامز الطريق لقيادة البعثة المشرفة والمنسقة للحوار، ونجاحها في إخضاع الجميع، ووقف مناوراتهم والتفافاتهم والقبول بالحوار ونتائجه.
ولم يتوقف الأمر عند حد السؤال حول ما إذا كانت خوري ستقوم بذات دور وليامز، بل تعدى الأمر لدى المنشغلين بقرار التعيين إلى التحليل والتكهن والبناء على معطيات، منها أن ستيفاني الجديدة أميركية كسلفها، وجاءت في وقت يكاد يكون فيه باتيلي فشل في إجبار قادة الأطراف الأساسيين الخمسة (رئيسا مجلسي النواب عقيلة صالح والدولة محمد تكالة، وقائد مليشا شرق ليبيا حفتر، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبدالحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي)، بالقبول بمبادرة البعثة للحوار الخماسي، المدعومة بوضوح وصراحة من واشنطن
كما رُبط كل ذلك بالنشاط الروسي العسكري في الشرق والجنوب، ذلك النشاط المزعج لواشنطن، والذي كان سبباً لزيارة مسؤولين أميركيين كبار للقاء حفتر حليف الروس، منهم رئيس الوكالة المركزية للمخابرات الأميركية وليامز بيرنز، في يناير 2023، وبعده بشهرين مساعدة وزير الخارجية بربارا ليف. وفي يناير الماضي، جاء أيضاً جوش هاريس نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون شمال أفريقيا، والتقى حفتر.
صحيح أن تعيين خوري لم يحدث أي جدل خارجي، لكن أوجهه محلياً في ليبيا تعددت، فهو من جانب لا يعكس إلا تعزيز حالة الارتهان للخارج، وترسخها في الأذهان كطريق وحيد ممكن للحل. ومن جانب حملت بعض تدوينات النشطاء وحتى المواطن العادي ما يشبه التشفي في القادة المتمترسين على الكراسي، والملتفين حول كل مبادرة أو طريق يقصيهم من المشهد، والتمني بأن تسلك ستيفاني الجديدة مسلك ستيفاني السالفة التي أجبرتهم على القبول بنتائج مبادرتها.
وعقب تعيينها، أصبح الحديث علناً عن تشكيل حكومة موحدة في البلاد، بعد أن كان الأمر يدور في الكواليس، ويتسرب عبر المصادر. فلأول مرة وبشكل معلن كتب المبعوث الأميركي الخاص، ريتشارد نورلاند، أنه ناقش مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، الثلاثاء (05 مارس)، ضرورة “مشاركة جميع الفاعلين الليبيين في العملية السياسية” التي ترعاها البعثة الأممية “لإزاحة ما تبقى من عوائق أمام الانتخابات”، بما في ذلك “تشكيل حكومة تصريف أعمال”.
فهل تكسر خوري الجمود وتحرّك مياه السياسة الراكدة؟ ربما يكون الجواب بنعم، فهذا الجمود الظاهر، في مضمونه حراك تؤكده تلك الأسئلة والتكهنات، والتي من المؤكد أنها لا تدور على ألسنة وأقلام مراقبين فقط بل في كواليس القادة والساسة أيضاً.
إقرأ أكثر:
تعيين الأمريكية “ستيفاني” نائبا للمثل الخاص للشؤون السياسية للبعثة الأممية في ليبيا