العربي الجديد-
تسعى مصر لاستعادة دورها في حل الأزمة الليبية، في أعقاب تعطل المسار الذي كانت ترعاه، بعد إعلانها سحب اعترافها بحكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة.
وتشهد القاهرة منذ الإثنين الماضي، حالة نشاط واسعة على صعيد الملف الليبي، إذ استُقبل كل من مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا عبد الله باتيلي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الله المشري.
كما تستعد مصر لاستقبال حفتر خلال الأيام القليلة المقبلة، بحسب مصادر ليبية، فيما اعتبر الدبيبة أن “الحوار الوطني هو البديل عن الصفقات المشبوهة التي تدار هنا وهناك من وراء الكواليس”، من دون أن يسمي أطرافها.
وعلى مدار يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين، التقى المشري وصالح، في لقاءين متتاليين في القاهرة، أحدهما كان بحضور باتيلي، وذلك قبل أن يلتقيا بشكل منفصل رئيس جهاز المخابرات العامة المصري اللواء عباس كامل، الذي يشرف على الملف الليبي، وذلك بهدف “التوصل لرؤية موحدة لحل الأزمة الليبية”.
استكمال المشاورات الليبية ـ الليبية
وقال مصدر ليبي مقرب من عقيلة صالح، لـ”العربي الجديد”، إنه من المقرر أن يصل إلى القاهرة خلال الساعات المقبلة وفدان من أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، لاستكمال “المشاورات الليبية – الليبية”، بشأن التوافق حول القاعدة الدستورية وشروط الترشح للانتخابات الرئاسية، التي كانت العقبة الرئيسية خلال اجتماعات القاهرة السابقة، التي عُقدت خلال فترة تواجد المستشارة الأممية السابقة ستيفاني وليامز.
وكشف المصدر أن صالح والمشري “بحثا في القاهرة النقاط الخلافية الرئيسية”، مشيراً إلى أنهما “توافقا على استكمال المشاورات التي ترعاها مصر”. وأوضح أن المشري وصالح “بحثا مع كامل، مصير السلطة التنفيذية في ليبيا، في أعقاب انتهاء صلاحية حكومة الوحدة الوطنية، وتمسك مصر بمقاطعتها”.
في المقابل، علمت “العربي الجديد” أن “هناك رغبة مصرية في عقد لقاء رسمي لصالح والمشري مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهي الرغبة المرهونة بتوافق بين الجانبين لإنجاز اتفاق سياسي برعاية القاهرة”.
وفي الوقت الذي تتمسك فيه مصر برفض التعاطي مع حكومة الوحدة الوطنية، وجّه الدبيبة رسائل عبر طرف إقليمي، باستعداده لتجاوز أي خلافات وإزالة الأسباب التي دفعت إلى تأزم العلاقات مع مصر، وذلك في الوقت الذي تتجه فيه العلاقات بين مصر وتركيا (الداعم الرئيسي لحكومته) نحو التحسن، في أعقاب اللقاء الذي جمع السيسي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قطر على هامش افتتاح كأس العالم لكرة القدم.
وتشير معلومات من القاهرة إلى وجود حراك لمحاولة الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة تتولى الإشراف على مرحلة قصيرة لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، إذ يرفض المشري الاعتراف بحكومة فتحي باشاغا المكلفة من مجلس النواب في فبراير الماضي، كما يؤمن في الوقت الحالي بفقدان حكومة الدبيبة الكثير من المؤهلات التي تمكّنها من الاستمرار في قيادة السلطة التنفيذية بشكل يقود البلاد نحو الاستقرار”.
كما تشير المعلومات إلى “تباين بين مكونات معسكر شرق ليبيا، بشأن حكومة باشاغا”، ففيما “ترى أطراف داخل ذلك المعسكر ضرورة التمسك بالحكومة التي كلفها مجلس النواب، لا تتمسك أطراف أخرى بها، معتبرة أن باشاغا لم يكن اختياراً موفقاً، خصوصاً بعدما فشل في الحصول على ثقة الكيانات القبلية والمجموعات المسلحة ذات التأثير الحاسم في غرب ليبيا. وهو ما يجعل التوافق مع المجلس الأعلى للدولة بشأن تشكيل سلطة تنفيذية جديدة، أمراً سهلاً بحال تم التوافق على النقاط الخلافية، لتكون بعد ذلك الكرة في ملعب مصر، لتنهي الجانب المتعلق بالبعد الإقليمي، بالتوافق مع تركيا في هذا الإطار”.
قاعدة دستورية والحكومة
ويأتي هذا في الوقت الذي أكد فيه صالح، عقب لقائه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الإثنين الماضي في القاهرة، أن “الجميع يدعو للانتخابات”، موضحاً أن ليبيا “يوجد فيها إعلان دستوري انتخب بناءً عليه المؤتمر الوطني ومجلس النواب وهيئة صياغة مشروع الدستور، وبالتالي هناك قاعدة دستورية قائمة ومشروع جديد لدستور دائم”، معرباً عن “أمله أن يتم التوافق عليه”.
وشدّد صالح على أن السلطة التنفيذية في ليبيا وهي “حكومة الوحدة الوطنية “انتهت ولايتها ومدتها القانونية وهي 18 شهراً، وكانت مهامها محددة وتشمل المصالحة الوطنية والانتخابات وتوحيد المؤسسات وتوفير متطلبات المواطنين، ولكنها فشلت”، موضحاً أن “تغييرها كان مطلوباً وبنفس الآلية التي تمت في السابق بالاتفاق بين المجلسين”.
في المقابل، أكد الدبيبة في تصريحات صحافية أنه “مستعد للتواصل مع الجميع من دون استثناء وتجاوز كل الخلافات، والاستجابة لأي مبادرة لتعزيز الثقة بين مكونات الشعب الفاعلة وليست السلبية”.
ولفت أمام مؤتمر “المجتمع المدني نحو الانتخابات” في طرابلس الثلاثاء الماضي إلى أن مايعطل الانتخابات هو قانون إجرائها، وهذا الأمر تتحمّله الأجسام التشريعية والاستشارية التي تتعمد التعطيل الممنهج لها”، في إشارة إلى مجلسي النواب والدولة.
بدوره، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال لقائه المبعوث الأممي، أنه “لا مجال لتنفيذ الاتفاقيات القائمة، والالتزام بالاستحقاقات القانونية والسياسية في ليبيا، من دون وجود آليات محددة وأطر زمنية للتنفيذ، ومتابعة حثيثة من جانب المجتمع الدولي للأطراف المسؤولة عن التنفيذ”.
من جهة أخرى، تلقى أبو الغيط اتصالاً هاتفياً مساء الأربعاء الماضي من باتيلي. وقال المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية، إن باتيلي “استعرض الاتصالات التي يجريها مع الأطراف المعنية في ليبيا وعلى المستوى الإقليمي، سعياً لإنجاز الاستحقاق الانتخابي بناءً على قاعدة دستورية متفق عليها، جنباً إلى جنب مع تنفيذ كافة الاتفاقات المبرمة بين الأطراف الليبية”.
وأضاف أن الأمين العام “أكد من جانبه دعم جامعة الدول العربية لجهود المبعوث الأممي، وكافة الجهود لإنهاء الأزمة عبر حل ليبي- ليبي، كما ناشد الأطراف الفاعلة في ليبيا التجاوب مع هذه المساعي حفاظاً على وحدة البلاد وسيادتها واستقرارها”.