اخبارالاولىالرئيسية

رئيس منظمة الرقيب الليبية لحماية المستهلك: فوضى الأدوية في ليبيا. أرواحٌ تُتاجر ومؤسسات تغيب

الصغير: ما يحدث في سوق الدواء الليبي اليوم هو جرس إنذار يجب أن يُسمع بوضوح قبل أن يفقد الناس ثقتهم في العلاج وفي الدولة نفسها

الناس-

لازال ملف الأدوية المقلدة ومجهولة المصدر مفتوحا على مصراعيه على خطورته، دون أن تتولى مؤسسات الدولة معالجته أو التعاطي معه بشكل فعال. لذلك نجد جهات أهلية تسعى بجهد المقل، وتوعية الناس.

من هذه الجهات الأهلية “منظمة الرقيب الليبية لحماية المستهلك” وهي مؤسسة مجتمع مدني تأسست في أول أيام العام 2017م.

في هذه السانحة يتحدث رئيس مجلس إدارة المنظمة “وائل الصغير” عن تردي المنظومة الصحية في ليبيا، وغياب الرقابة عن توريد وتداول الأدوية، وغياب التسعير أيضا الأمر الذي يكلف المواطن الكادح أضعاف ثمن الدواء إن وجدن ولا يكتفي “الصغير” بطرح المشاكل بل يذهب إلى طرح مقترحات للحلول لعلها تجد أذانا صاغية، يقول:

“في بلد يعاني من اضطراب المنظومة الصحية، وانقسام المؤسسات، وتراجع الدور الرقابي، يتحول قطاع الأدوية في ليبيا إلى سوق مفتوح للعبث، ومجالٍ خصبٍ للتربّح على حساب حياة الناس. فوضى في التوريد، غياب للرقابة، تفاوت بالأسعار، وأدوية مجهولة المصدر تُباع في العلن، لتصبح المتاجرة بالأدوية في بعض جوانبها أقرب ما تكون إلى المتاجرة بأرواح البشر”.

توريد وتداول… دون حسيب أو رقيب

ويعرب رئيس منظمة الرقيب عن قلقه من “دخول كميات هائلة من الأدوية من مصادر مختلفة، بعضها دون ترخيص واضح أو دون مطابقة للمواصفات المعتمدة. ومع غياب آلية لتتبع مسار الدواء، تتسرب أدوية مغشوشة أو منتهية الصلاحية أو رديئة الجودة إلى رفوف الصيدليات، لتُعرض على مواطن لا حول له ولا قوة”، مستدلا بمعلومة استقاها من أحد الصيادلة في العاصمة طرابلس، الذي أبلغه: “نستلم أحيانًا شحنات دوائية بأسعار مختلفة لنفس المنتج، بعضها بلا فواتير رسمية، ومع ذلك يتم قبولها من قبل بعض المستودعات، لأن الرقابة ببساطة غير موجودة فعليًا.”

فماذا عن غياب التسعير وارتفاع التكاليف؟

تحت هذا العنوان يخبرنا الصغير أن دواء السكري -على سبيل المثال- قد يباع في إحدى الصيدليات بـ30 دينارا، وفي صيدلية أخرى بـ45 دينارا أو أكثر، دون وجود جهة تتدخل لضبط السوق, ويذهب إلى أن “المواطن هو الخاسر الأول، خصوصًا في ظل الأزمات الاقتصادية المتتالية التي أثرت على قدرته الشرائية”.

فما العمل؟

يرى محدثنا هنا أن الحلول ليست مستحيلة لكنها تحتاج إلى إرادة فعلية، ويقترح بعض الحلول..

أول هذه المقترحات هو إنشاء هيئة وطنية مستقلة للدواء، تتولى مهام التسجيل والتسعير والرقابة.

ويقترح أيضا اعتماد نظام إلكتروني لتتبع الأدوية من نقطة الاستيراد إلى الصيدليات.

كما يقترح توحيد الأسعار رسميًا، وفق تسعيرة معتمدة تُطبّق على الجميع. وفرض شروط مشددة على التراخيص ومحاسبة المتورطين في التلاعب أو التهريب.

وأهم من ذلك التصنيع المحلي للأدوية لتقليل الاستيراد وتحقيق أمن دوائي نسبي.

ويستدل الصغير بالتجربة التونسية والتي يصفها بالناجحة، متسائلا عن المانع من الاقتداء بها يقول: “في الجارة تونس، تختلف الصورة كثيرًا. فالدواء هناك يخضع لنظام تتبع صارم، بإشراف الوكالة الوطنية للدواء التي تنظّم عملية تسجيل واستيراد وتوزيع وتسعير الأدوية، ضمن سياسة شاملة تحرص على ضمان توفر الدواء وسلامته”.

ويتابع: “النظام التونسي ليس مثاليًا، لكنه فعّال. الأدوية هناك لا تدخل السوق إلا بعد المرور بسلسلة معقّدة من الفحص والتسجيل والتسعير، والمخالفات تُقابل بعقوبات قاسية. لماذا لا تُطبق ليبيا شيئًا شبيهًا، ولو بالحد الأدنى؟”

غياب الرقابة

ويتحسر رئيس المنظمة على غياب الرقابة، حد “المتاجرة بالأرواح بوجه مكشوف” وفق تعبيره، فـ “غياب التنظيم والرقابة –يقول- لايعني فقط خللًا إداريًا، بل يمثل تهديدًا مباشرًا لحياة الناس. أدوية مزيفة أو منتهية الصلاحية قد تكون قاتلة، لا سيما لدى الأطفال وكبار السن ومرضى القلب والسكري والسرطان. ومع غياب قاعدة بيانات وطنية موحدة أو نظام للإبلاغ عن الأعراض الجانبية أو الأدوية المغشوشة، لا أحد يعرف حجم الكارثة الحقيقي”.

ويختم الصغير حديثه بالقول: “في بلد أنهكته الحروب والانقسامات، تبقى صحة المواطن آخر ما يجب التهاون فيه. وما يحدث في سوق الدواء الليبي اليوم هو جرس إنذار، يجب أن يُسمع بوضوح في أروقة وزارات الصحة والاقتصاد، قبل أن يفقد الناس ثقتهم بالكامل في العلاج، وفي الدولة نفسها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى