رأي: وجهة نظر حول الانتخابات القادمة وهل ستتم في 2018؟
وجهة نظر حول الانتخابات القادمة وهل ستتم في 2018؟
*كتب/ جمعة القماطي
يعتبر الحديث الذي يجري حاليا في ليبيا حول الانتخابات أمرا إيجابيا ويركز التفكير حول المستقبل وأهمية الاحتكام إلى صناديق الاقتراع كأحد أسس الديمقراطية المنشودة بديلا للدكتاتورية والاستبداد الذي لا ينتج إلا التخلف والفساد.
وقد يكون تركيز “غسان سلامة” على الانتخابات هو عملية ضغط من الأمم المتحدة على الأطراف السياسية لكي تقدم التنازلات المطلوبة من أجل توافق وحل سياسي حقيقي يمكن أن ينجح في إنهاء حالة الانقسام والصراع والانسداد الحالي في ليبيا. وإعلان المفوضية العليا للانتخابات فتح باب تسجيل وتحديث قوائم الناخبين هو إجراء قانوني وفني بحت يفترض أن يتم كل سنة ولكنه كان متوقفا منذ 2014.
لا يمكن للأمم المتحدة أو مفوضية الانتخابات أن تقرر موعدا لإجراء انتخابات في ليبيا؛ لأن هذا القرار سياسي وسيادي ليبي صرف. والانتخابات لا يمكن أن تتم إلا بقانون انتخابات/ والقانون لابد أن تصدره سلطة تشريعية وهي البرلمان المنتخب، وفي حالتنا اليوم يحتاج البرلمان أن يتشاور مع مجلس الدولة حول أي قانون للانتخابات.
لا يمكن أن تتم انتخابات في ليبيا خلال عام 2018 إلا من خلال طريقين:
الطريق الاول: هو أن يقوم مجلس النواب، بعد التشاور مع مجلس الدولة، بتعديل الإعلان الدستوري لكي يسمح بانتخاب برلمان جديد والدخول في مرحلة انتقالية رابعة قد تستمر لعدة سنوات كما المرحلة الانتقالية الحالية التي بدأت بانتخاب مجلس النواب في صيف 2014، وهذا سيعني استمرار الصراع على المناصب واستمرار التسابق على سرقة المال العام والفساد الذي يقوم به كثير من المسؤولين ولا أقول كلهم.
الطريق الثاني: هو أن يوافق مجلس النواب، بعد التشاور مع مجلس الدولة، على مشروع الدستور الذي أقرته هيئة إعداد الدستور، وبالتالي يتم إصدار قانون للاستفتاء على هذا الدستور فيصبح ملزما إذا ما وافق عليه الليبيون بأغلبية الثلثين. وعندها يصبح لدى الليبيين بجميع توجهاتهم مرجعية وشرعية دستورية واحدة يلتفون حولها. بعد الاستفتاء مباشرة تنتهي كل الأجسام السياسية المؤقتة الحالية ويحدد الدستور الجديد ضرورة قيام انتخابات رئاسية وبرلمانية دائمة تستلم قيادة البلاد من الأجسام الحالية خلال ستة أشهر كأقصى حد من إقرار الدستور في استفتاء.
مشروع الدستور الذي تم التوقيع عليه من قبل هيئة صياغة الدستور لا يلبي كل مطالب أطراف مختلفة مناطقية وقبلية وعرقية في ليبيا في الشرق والغرب والجنوب، ولكنه يلبي جزءا كبيرا من رغبات كل هذه الأطراف. والوصول إلى دستور يلبي كل مطالب الجميع وحالا هو أمر شبه مستحيل، والأفضل هو البدء بمشروع الدستور المعروض حاليا واعتباره كنقطة بداية ويتم تعديله وتحسينه في السنوات القادمة عندما تكون ليبيا في حالة استقرار أفضل ومع انطلاق عملية بناء مؤسسات الدولة وانطلاق التنمية.
لابد أن ينسى الليبيون فكرة المغالبة والغلبة من قبل طرف ليبي ضد طرف ليبي آخر سواء في الدستور كعقد اجتماعي أو في الصراع القائم عموما. وإن العودة للحكم العسكري الفردي هو عودة لترسيخ الاستبداد والتخلف. وإن التنمية والتقدم والازدهار لم تحدث في العالم إلا في ظل دولة مدنية دولة المؤسسات والحريات.
إن ثقافة التنازل من قبل كل الأطراف للالتقاء في المنطقة الوسط، والحرص على التوافق هي التي تحافظ على وحدة الشعوب وتبني دولا مستقرة ومزدهرة. وسيشارك الجميع بحماس في بناء الدولة فقط عندما يشعرون أنهم مالكين لها وشركاء حقيقيون فيها وليس مهمشين أو مغبونين داخلها.