* كتب/ السنوسي بسيكري،
توجهت ستيفاني خوري، نائب رئيس البعثة المستقيل عبدالله باتيلي، والمكلفة بإدارة البعثة إلى حين تعيين مبعوث جديد، إلى الليبيين بكلام عام لم يحمل مضمونا مهما يتعلق بخطتها للوساطة بين أطراف النزاع الليبي.
ويعلق العديد من المراقبين للشأن الليبي آمالا على ستيفاني خوري، وأنها قد تكون المثال المكرر للمكلفة السابقة بإدارة البعثة الأممية لليبيا، ستيفاني ويليامز، وذلك بعد استقالة المبعوث غسان سلامة، باعتبار أنهما أمريكيتين، وأن يكون المعني بإدارة النزاع أمريكي مختلف عن كونه من أي بلد أخرى، إذ ما يزال التأثير الأمريكي في توجيه مجريات الأحداث ظاهرا ولا خلاف حوله.
أجرت خوري عديد اللقاءات مع ساسة ومسؤولين ليبيين ومع دبلوماسيين تُعنى دولهم بالنزاع الليبي، واللافت أن حراك سفراء الدول الرئيسية كان حيويا، ويعكس تنسيقا قد يكون له ما بعده في تحريك الماء الراكد.
تواجه خوري والسفراء الأجانب المعنيين بالأزمة الليبية الحالة ذاتها التي استعصت على جهود باتيلي والتي تتمظهر في الجمود وتمترس كل طرف حول موقفه، وذلك برغم التصريحات المرنة التي صدرت عن رئيس مجلس النواب ونظيره في التسوية السياسية رئيس المجلس الأعلى للدولة.
المطلب الرئيسي لمجلس النواب هو التغيير الحكومي، فالمجتمع الدولي لا يعترف بالحكومة التي عينها مجلس النواب، ولا يزال يتعامل مع حكومة الوحدة الوطنية، التي يعتبرها المجلس منتهية الولاية، فيما يصر المجلس الأعلى للدولة على إعادة النظر في قوانين الانتخابات التي أصدرها مجلس النواب، واستعداده لفتح ملف الحكومة في حال تمت العودة إلى نسخة أبوزنيقة من القوانين.
حاول باتيلي تجاوز المختنق وتخطي الجمود من خلال توسيع دائرة الحوار وترقيته ليشمل المعنيين به من النافذين السياسيين والعسكريين، واقترح الطاولة الخماسية التي تضم بالإضافة إلى رئاسة النواب والأعلى للدولة رئيس المجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوحدة وقائد عام الجيش التابع لمجلس النواب، إلا إنه لم ينجح في مبادرته، فانتهى به الأمر إلى الاستقالة.
ليس من اليسير الجزم بما يمكن أن تقوم به ستيفاني خوري، لكن صاحب تكليفها كنائبة لرئيس البعثة الأممية حراك دبلوماسي وأمني تقف خلفه واشنطن من الممكن البناء عليه في التحليل.
هناك تصعيد أمريكي بريطاني على مستوى الخطاب ضد الوجود الروسي في ليبيا وخطورته على البلاد وعلى المنطقة برمتها، ورافق هذا الخطاب التصعيدي ضد الروس خطوات عملية تتعلق بتدريب قوة عسكرية في العاصمة بإشراف أمريكي، تحدث بعض المصادر أن الغاية من هذه القوة هو محاربة الوجود الروسي في البلاد.
بناء على هذا التطور، فإن خوري قد تتجه إلى إحياء مسار 5+5 والمعني بالترتيبات الأمنية والتي من بينها إخراج القوات الأجنبية من البلاد، لتكون القوة العسكرية التي تتلقى تدريبا أمريكيا ضمن العلميات المشتركة لإنجاز هذه المهمة.
ولكي تضمن خوري تحقيق تقدم على المسار الأمني فإنها في حاجة إلى تحريك الماء الراكد وتحقيق اختراق في الملف السياسي من خلال فتح ملف قوانين الانتخابات والترتيب لتغيير حكومي باقتراح حكومة موحدة.
هذه الخيارات التي قد تنحو نحوها خوري، غير أن تحقيق نتائج مهمة على هذه المسارات ليس مضمونا، إذ لن يكون من اليسير إخراج الروس، فهذا مطلب لن تقبل به موسكو بسهولة، وقد لا يتعاطى معه حفتر بمرونة وهو الذي يستمد قوة من الوجود الروسي في مناطق نفوذه في وسط وجنوب البلاد.
على مستوى التغيير الحكومي، لا يزال موقف الجبهة الغربية متماسكا نسبيا في دعم عبدالحميد ادبيبة، وذلك برغم تخلي بعض مناصريه عنه، والقبول بتغييره يتطلب مراجعة لقوانين الانتخابات وترشيح بديل للدبيبة لا يخضع للخصوم، وهو ما ترفضه جبهة طبرق-الرجمة، وبالتالي فإن الآمال المعلقة على خوري قد تكون جنحت إلى التفاؤل قليلا، خاصة إذا لم يطل الخلاف حول تعيين مبعوث جديد في أروقة مجلس الأمن.
للكاتب أيضا:
رأي- أحكام بوقف رسوم بيع الدولار في ليبيا.. هل تنتهي الأزمة؟