* كتب/ يوسف أبوراوي
من عجائب دولتنا الموقرة أن مرتبات القطاع الحكومي متفاوتة بشكل غريب جدا.. فمثلا موظفي جهاز الرقابة الإدارية والمالية وموظفي ديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد (وهي الجهات التي ينبغي أن تكون الرقيب على التجاوزات المالية والفساد).. مرتبات أعضائها هي ثلاثة أضعاف نظرائهم في باقي الوزارات والمؤسسات مع بعض المزايا الأخرى كالتأمين الطبي واللجان الدائمة الممنوع صرفها في باقي القطاعات.. و لكل منهم لائحة مالية مستقلة لا يهم الآن كيف صدرت ولا من أي جهة اعتمدت!
كما أن الجهاز القضائي وهو المسؤول عن إحقاق الحق وسيادة العدل والقانون يتمتع أفراده بلائحة مالية مستقلة!
أما الكبار من جماعة المجالس والذين كان ينبغي أن يكونوا هم قادتنا وقدوتنا فما يتمتعون به من مرتبات ومزايا لا يمكن حتى عدها بالنسبة للموظف البسيط !!
الأمثلة السابقة كلها تصرف هذه المرتبات من خزينة (الدولة) والتي يشعر كل المواطنين بأنهم شركاء فيها مما يسبب كثيرا من الغبن والحقد لأننا كليبيين نعرف بعضنا، وما هو مزاجنا في العمل، وكيف نقضي هذه الأوقات في الهدرزة وشرب الشاي والتسرب من العمل.. ولا يصلح كل هذا الفساد وجود أفراد معدودين يشتغلون بشكل احترافي.
أعتقد أن توحيد النظام المالي ولائحة المرتبات في الدولة الآن أولوية قصوى، وأن لا تزيد التفاوتات الناتجة عن طبيعة العمل عن نسبة محددة وواضحة.. واستحداث نظام لمراقبة وتقييم معدلات الأداء وجودة الخدمة.. وهنا لابد من الاطلاع على أنظمة الدول الأخرى وكيف تدار هذه الأمور بشكل كامل، حتى لا نعيد اختراع العجلة.. إلى أن يمن الله علينا ونغير كامل هذا النظام الاقتصادي المغلوط.. فبدون اقتصاد حقيقي لا يمكن لأي أمة أن تنهض وتغير من حالتها المتردية.. فما لم تكن القاعدة الحاكمة في هذا النظام أن ما تكسبه من مال هو نظير ما تقدمه من إنتاج وخدمات سنظل نتردى في فقاعات من الفهلوة والنصب والفساد وإن كان كل ذلك بغطاء قانوني أو شبه قانوني!!