الرئيسيةالراي

رأي- مطب لكل مواطن..!!!

* كتب/ خالد الجربوعي،

في العادة ترفع الدول شعارات من أجل مواطنيها ومصلحتهم، ولتوفير بعض الحقوق والخدمات المختلفة لهم منها.. بيت لكل مواطن.. سيارة لكل مواطن.. لقمة عيش لكل مواطن.. فرصة عمل لكل مواطن.. تعليم لكل مواطن.. صحة وعلاج لكل مواطن.. وهكذا..

وقد تتحقق هذه الأشياء، أو لا تتحقق في أكثر الأحيان، ولكنها تبقى شعارات وأهداف يتم العمل على تحقيقها ولو نسبيا.. لكن في ليبيا فعلنا أمرا معاكسا لذلك تماما، ودون حتى أن نرفع هذا الشعار أساسا..  فحققنا أمرا يكاد يصبح لكل مواطن بشكل واقعي، وفي كل مكان دون استثناء حتى لا يزعل أحد.. فلقد أصبح عندنا في شوارعنا وطرقنا المختلفة وبكل أنواعها وأماكنها “مطب لكل مواطن” بل وزيادة.

فأصبح أمام كل محل تجاري مطب، أمام كل بيت مطب، وحتى الطرق، وقبل أن ينتهي تعبيدها تكون المطبات قد ملأت وسطها في تنافس كبير بين كل الشوارع من يكون له مطبات أكثر.. ولم يتوقف الأمر عند نوع معين من المطبات، فكل شيء دخل في تنفيذها، فهناك الإسمنتي وهناك الخرساني وهناك الترابي، والتي قد تتم بشكل مؤقت خاصة في المناسبات، وحتى حبال السفن أصبحت مطبات بدل أن تكون في موانئها وسط مياه البحر، وهناك المطبات الحديدية بأشكال وأنواع وارتفاعات ما أنزل الله بها من سلطان.. وهذا الأمر ليس بجديد، بل هو من سنوات وعقود، دون أن نجد من يمنعها أو يوقف انتشارها بهذا الشكل العشوائي الذي تجاوز انتشار النار في الهشيم..

وأعتقد أننا نملك اليوم الرقم القياسي في عدد المطبات عالميا، وهو ما يتطلب أن نسجل الرقم في موسوعة جينيس حتى لا نفوت فرصة تحقيق هذا الانتصار وهذا اللقب.. طبعا دون أن ننسى المطبات المفترض أنها قانونية، والتي في جلها نرى أنها تتم بكل عشوائية لا تزيد إلا في عرقلة الطرق وازدحامها، حتى وصلنا اليوم إلى نوع من المطبات يبدو أنه أريد منه زيادة إفساد السيارات وإضرار صحة المواطن..

ورغم أن كل التقارير الدولية تقول إن للمطبات مردود سلبي على السيارات وعلى الإنسان وصحته، خاصة في إصابة الظهر وزيادة آلامه، لكن كل هذا لا يهم أحدا، المهم من يقيم أكثر عدد من المطبات في شارعه ومن يكون مطبه أعلى من الآخر.. بل هناك شارع وطرق تكاد تتحول إلى ملاعب لقفز الحواجز بكثرة عدد المطبات بها، وبمسافات محدودة جدا بين المطب والآخر، حيث ما إن تتجاوز مطبا حتى تجد الآخر أمامك، وكأنك في حلبة للقفز على الحواجز من يستطيع المرور عبرها دون أضرار، وكأنها منافسة لا نهاية لها، في طريق وجدت لتسهيل حركة المرور.

فإلى متى هذا الاستهتار وهذه الفوضى في إقامة هذه المطبات التي لن تغني عن قدر، ولن توقف بشرا، فوجودها لا يقدم إلا مزيد العرقلة والازدحام والمشاكل، دون أي حلول من ورائها مهما كانت أسبابها، فهل من وقفه حيالها رسمية وشعبية يتم فيها إزالة كل هذه المطبات، لعل يكون لنا يوما نحتفل به بمناسبة إزالة آخر مطب، بدل أن يكون لنا “لكل مواطن مطب”..

للكاتب أيضا: 

رأي- فلسطين فلسطينية..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى