الرئيسيةالراي

رأي- مسرحية سمجة!

* كتب/ خليفة البشباش،

قبل فترة، تعطلت سيارتي أمام إحدى المصحات في طرابلس، كان العطل متوقعا لكن توقيته سيئ للغاية، ودون الخوض في التفاصيل فقد اضطررت للمرة الأولى لاستخدام ما يعرف بالحرق، أي إعطاء محل الصرافة قيمة بالبطاقة المصرفية وأخذها -ناقصة- بالكاش.

في الواقع، لم أفكر مرتين وكنت أريد إصلاحا سريعا وينقصني بعض الكاش، طلبت من الصرّاف 500 دينار كاش، وأخذ البطاقة والآلة الحاسبة وضرب أخماسا في أسداس، وقال أعطيك 460 على ما أذكر، وربما أقل من ذلك بقليل، وافقت بالطبع وسحب المبلغ وبدل أن يسلمني إياه، سلم لي ورقة 50 دولار!

فاستغربت قائلا: نبيهم دينارات!

فرد مبتسما: إيه

وكنت قد التقطت الخيط في تلك اللحظة، ولمست ورقة الدولار المباركة لثانيتين قبل أن يسحبها بحرص.. ويسلم لي المبلغ المتفق عليه بالدينار

استلمته مع ابتسامة بادلنيها مشكورا، ثم سألته قبل الخروج: بكم الدولار اليوم؟

بعد سويعات من تشحيط الورش ومحلات قطع الغيار والاستعمال الأوربي وجدت فسحة من الوقت لأفتح الآلة الحاسبة.. وكانت النتيجة واضحة تماما.. لا يمكن للخمسين دولارا أن تساوي 460 بأي حال من الأحوال وفق أسعار الصرف حينها.. كل ما في الأمر أن الصرّاف لم يكن يملك “دولارات رقاق” وقد سئم من أخذ هذه الحيلة بجدية! فصارت عنده مجرد “طقس” للتبرك!

ورغم أن ابتساماته كانت كافية، لكن الأرقام أصدق إنباء، لقد استخدم الصرافون حيلة تغيير العملة هذه للتحايل على المحظورات الدينية وفق اعتقادهم.. لكنها تواجه مشكلتين بسيطتين: الأولى أنها تبدو حيلة شديدة السخف لا يمكن سوقها في أي حوار عقلاني.

والثانية وهي الأهم: أن الابتسامات والورقة غير المساوية للقيمة، تظهر تماما أن هناك طرفا يتم التعامل معه على أنه “غبي” ولن يفهم الحيلة، ولم يكن قد شهد ما جرى في المحل آن ذلك غير ثلاثة لا رابع لهم.. أنا وصاحب محل الصرافة، وفوقنا العليم المحيط بكل شيء جل جلاله.

وأنا هنا لا أناقش حكم هذه المعاملة، ولا غيرها من المعاملات المالية، ولا أريد سماع وجهة نظر التاجر والفقيه فيها.. فقط أريدهما أن يعرفا أن ازدراء الذات الإلهية أسوأ من الربا، وأن يتوقفا عن عرض هذه المسرحية السمجة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى