رأي- محاكمة التاريخ فكرة ساذجة
* كتب/ يوسف أبوراوي،
الرجوع للتاريخ بعقلية اليوم موضوع ساذج، تماما كمن يقيس الأطوال بالكيلوجرام، أو الطاقة الكهربائية بمكيال الحبوب.
نقاشات محتدمة على صفحات الفيسبوك حول ما حدث في تركيا وتحويل “آيا صوفيا” من متحف الى مسجد، غالبيتها كالعادة خلافات ومماحكات سياسية عرقية بغلاف ديني، واستصحاب قوانين اليوم للرجوع إلى التاريخ، وكل دعوة يمكن معارضتها بحوادث تاريخية معها وضدها؛ لأن التاريخ هو الوعاء لكامل حركة البشر بشرّها وخيرها، ولا أريد المساهمة بشكل كبير في هذا الموضوع، ولكن مجرد نقاط لو فكرنا فيها بمعايير اليوم ستكون صادمة جدا:
– هل الفتوحات الإسلامية احتلال وغزو؟
– هل وجود دولتين بخليفتين في عصر واحد يجعل من إحداهما شرعية والأخرى غير شرعية؟
– هل الخليفة ممثل للمسلمين في كل العالم؟
– هل طرد المسلمين من الأندلس يعد ثورة إسبانية ناجحة في سبيل الحرية؟
– هل الخليفة الأموي أو العباسي يمثل الشعوب الهندية والفارسية والبربرية؟ وهل الخليفة العثماني يمثل الشعوب العربية؟
– هل يجب إرجاع التماثيل حول الكعبة لأن ما فعله المسلمون كان تعديا على حرية عبادة القرشيين؟
– هل يجب إرجاع مفاتيح القدس التي استلمها عمر للمسيحيين؟
– هل المرحلة الاستعمارية من إبادة الهنود الحمر وما لحقها من غزو أوروبي للقارات كلها كان عملا مدانا أم هو جلب للحضارة وتمدين للبرابرة.
وغيرها الكثير الكثير، وإجاباتها ستكون مجرد مثارات للجدل وصوابها وخطؤها سيكون نسبيا يعتمد على الانتماءات وغيرها.
لذلك، إما أن نرجع للتاريخ بمعايير كل فترة، وإما أن نتركه في حاله حتى يأتي من يستطيع فهمه في إطاره الطبيعي، بدون كل هذه الفهلوة واللف والدوران، التي تريد إكساب عُقد القبيلة والعرق والدين والمذهب، ومعها عقد النقص والهزيمة طلاء جميلا وربطة عنق لنصنف بأننا من المتحضرين والمنصفين.
وفي الحقيقة نحن مجرد كائنات هشة لم تستطع البوح بما تريد فاتخذت مسارات حلزونية لتثير إعجاب المتابعين، تماما كمراهق يلبس ملابس الكبار ليثير نظر الفتيات، ولم يعلم أن منظره مثير للضحك والاستغراب!..