* كتب/ يوسف أبوراوي،
توجد مقولة سطحية وعبيطة تتردد كثيرا منذ فترة، هذه المقولة تقول النفط يخدم سنوات ما نشوفوا منه شيء، يسكر أيام يقولوا خسرنا مليارات.
هذه المقولة هي انعكاس لتربية الدولة الغنيمة التي تعطي للمواطن النائم في بيته كل شيء مجانا، وهو لأنه ولد صدفة في هذه البقعة المباركة فمن حقه أن يستمتع بما يراه حقا له، حتى إن كان مؤمنا في قرارة نفسه أن (الخدمة للعبيد)، وما زلنا نسمع في بعض المناطق مقولة أنا متخرج وبلا مرتب، والذي يعني ضمنا أن المرتب حق أصيل لهذا المواطن المبدع.
لم يدر هذا المواطن أن ما يتقاضاه كمرتب هو عائدات النفط الذي يدعي أنه لم يرها، ولم يدرك هذا المواطن أن الكمية المباعة من هذا النفط هي نفسها عبر السنوات، وأن كمية الدولارات المقبوضة ثمنا له هي نفسها، وأن المواطنين المطالبين بالمرتبات يتزايدون مع الوقت، بل تتزايد مطالبهم برفع قيمة هذه المرتبات مع الزمن، لذلك ألهمت الدولة الرشيدة زيادة عدد الأوراق النقدية على حساب قيمتها الحقيقة لتسكت أفواه المطالبين ولو بشكل صوري ووهمي.
نعم حكوماتنا المبجلة مليئة بالسراق والمغامرين، وصحيح أن كثيرا من الأموال تهدر في وسط بني على الفساد والفوضى، هذا أمر لا شك فيه.
في المقابل ينبغي عليك أيها المواطن فهم الصورة الكبيرة ومبادئ مبادئ الاقتصاد، أو لنقل مبادئ الحساب بشكل أقرب للحقيقة.
الحقيقة المفجعة للكثيرين أن ليبيا ليست دولة غنية على الإطلاق، بل مجرد دولة ريعية يتعارك أهلها على نهب ما يستطيعون من ثمن الزيت الأسود، وكل من يدندن بمحاربة الفساد هو في الحقيقة يقول أريد حصتي من هذا الفساد لا أكثر ولا أقل.
الدول الغنية لها معايير أخرى تماما ولها بنية اقتصادية وصادرات، والأجر مقابل العمل، وخطط للتنمية المكانية، وخطط استراتيجية للتطوير وغيرها من المعايير التي لا نريد حتى فهمهما بلا العمل بها.
الحقائق مؤلمة ولكنها تظل حقائق رغم كل شيء!!
للكاتب أيضا: