الرئيسيةالراي

رأي- ليبيا وخسارة فرصة استثمارية في التحويلات المالية للأجانب

* كتب/ د. محمود أبوزنداح
Asd84198@gmail.com

في الوقت الذي تسعى فيه الدول الكبرى إلى تنويع مصادر دخلها عبر فرض ضرائب ورسوم حتى على أنشطة رقمية مثل وسائل التواصل الاجتماعي، نجد أن ألمانيا ـصاحبة أقوى اقتصاد في أوروباـ لا تتردد في فرض ضرائب على أرباح “السوشيال ميديا” باعتبارها مورداً مالياً إضافياً يرفد الخزينة العامة.
وعلى النقيض، ظلت ليبيا طوال أكثر من خمسين عاماً بعيدة تماماً عن فرض أي نوع من الرسوم أو الضرائب على الأجانب العاملين داخل أراضيها. هذا الغياب الممنهج للسياسات المالية الرشيدة أعطى للعالم صورة سلبية عن ليبيا، وكأنها دولة بلا مؤسسات حقيقية، تُدار بعقلية أقرب إلى الفوضى منها إلى الدولة المنظمة.
الأرقام وحدها تكشف حجم الخسارة: فقد بلغت تحويلات العمالة الأجنبية خلال السنوات الأربع الأخيرة فقط ما يقارب 40 مليار دينار. ولو تم فرض نسبة بسيطة لا تتجاوز ثلث هذه القيمة كرسوم أو ضرائب، لكان من الممكن تحصيل ما يزيد عن 13 مليار دينار. هذا المبلغ كفيل بإحداث نقلة نوعية في الخدمات العامة، سواء عبر تحسين المنظومة الصحية، أو إنشاء شبكة طرق حديثة، أو حتى الاستثمار في البنية التحتية المتداعية.
إن غياب هذه السياسات المالية لا يعكس فقط خسارة مباشرة للخزينة العامة، بل يُظهر كذلك ضعف الرؤية الاقتصادية لدى صانع القرار. فالدول التي تحسن إدارة مواردها، حتى في التفاصيل الصغيرة، قادرة على بناء اقتصاد قوي ومستدام. أما ليبيا، فما لم تنتقل من منطق “الريع والارتجال” إلى منطق التخطيط والحوكمة المالية، ستظل تفقد مليارات تُهدر سنوياً دون مردود حقيقي على المواطن أو الاقتصاد الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى