
* كتب/ محمود أبوزنداح asd84198@gmail.com
في عالمٍ تكثر فيه الصراعات والأزمات، هناك دول تغرق في مشاكلها الداخلية، فتختار الطريق الأسهل: تحويل الأنظار بعيدًا عن إخفاقاتها، وإقحام ليبيا في الأخبار والعناوين. لم يعد يمر يوم إلا وتجد على وسائل الإعلام خبرًا متكررًا لا يختلف عنوانه: “أرخص وقود في العالم في ليبيا.”
كأن ليبيا صارت مرآةً يعرضون عليها فشلهم، وكأن ثرواتها مفتاح سحري لحل أزماتهم، بينما هم عاجزون عن مواجهة جذور مشاكلهم الحقيقية. فبينما واقعهم يهدد حاضرهم ومستقبلهم، تظل أعينهم شاخصة نحو أراضينا، باحثين عن مورد سهل لتغذية نيران صراعاتهم الداخلية، وكأن بلادنا صندوق مخفي للكنوز يُستخرج عند الحاجة.
هذا الانحراف في التركيز يكشف عقلية انتهازية لا تعرف المواجهة ولا المسؤولية. فبدل أن يواجهوا أزمات مثل ندرة المياه، الصراعات السياسية، أو الأزمات الاقتصادية، يصرون على استهداف ليبيا إعلاميًا، محاولين استنزاف سمعتها وخيراتها لتغطية فشلهم الذاتي. لقد بات واضحًا أن استغلال اسم ليبيا وأخبارها أصبح أداة دائمة لتبرير العجز، وكأنه مسرحية متكررة يُعاد تمثيلها بلا خجل.
لكن الشعب الليبي لم يعد غافلًا. فقد نما وعيه وأدرك أن هذه الحملات ليست سوى محاولة للهيمنة على صورته واستغلال موارده. وها هو يقف اليوم صامدًا، يراقب المؤامرات، ويكشفها، مستندًا إلى إرثه الحضاري وعزيمته الوطنية.
ليبيا ليست منجمًا مفتوحًا لأزمات الآخرين، ولا مائدةً تُلقى عليها إخفاقاتهم. كل محاولة لاستغلال أرضها أو ثرواتها ستصطدم بعقلية شعب صارم لا يقبل الاستلاب، وعزيمة وطن لا تنحني للضغوط. من أراد أن يحل أزماته، فعليه مواجهة جذورها، وإيجاد الحلول ضمن بلاده، قبل أن يمتدّ بيده إلى بلاد لم تُدعُه إلى هذه اللعبة.
ليبيا، بصمتها، بتاريخها، بخيراتها، تظل حاضرةً في عيون العالم ليس كبضاعة تُستغل، بل كدولة تحمي ثرواتها، وتحافظ على كرامة شعبها، مذكّرة الجميع بأن من يسعى للسطو على قوتها، سيجد أمامه عزيمة لا تُقهَر، وإرادة لا تُخضع.