* كتب/ يوسف أبوراوي
من الأمور التي يجب أن يفهمها الجميع أن التاريخ لا يرجع إلى الوراء.. أرى البعض لازال متوقفا على لحظة تاريخية مر بها مجتمعنا وهي سنة 2011 والإطاحة بنظام القذافي (الثورة على الثورة)..
ليس مهما هنا في أيّ طرف كنت (مع وضد).. المهم أن نعي أن أي تغيير بهذه القوة لن يكون المشهد بعده كما كان قبله؛ لأن التغيير حدث في العلاقة والبنية بين مختلف المشاركين في هذا المشهد حيث كسرت روابط ونشأت روابط جديدة.. الأمر شبيه جدا بالتغير الكيميائي الذي تكون نتيجته مادة جديدة تختلف عن المواد المساهمة في صنعه.. إن غياب هذه الحقيقة تجعل البعض لازال يتكلم بمنطق القذافي نفسه وأنصاره في ذلك الوقت.. ولو فرضنا جدلا بعث القذافي من جديد فلن ترجع الأمور كما كانت.. كما أن البعض ما زال يتكلم بمنطق ثوار فبراير في ذلك الوقت أيضا..
ولو فرضنا صحة ما قالوه تماما فيجب أن يعلموا أن الأمور اليوم اختلفت تماما..
يجب أن نعي أن التغيير حدث.. الحكم عليه بالصحة أو الخطأ لن ينفع بشيء… والتشبث برأينا في ذلك الوقت لن ينفع بشيء أيضا.. كما يجب أن ندرك أن التاريخ مليء بنقاط التحول، وبالتالي فالتغيير أمر طبيعي جدا وما يرافق التغيير من فوضى أيضا طبيعي جدا.. السؤال المهم الآن أن بعد سنوات سيكون لدينا جيل جديد من أشخاص لم يشاركوا في كل هذا الهراء.. فكيف نريدهم أن ينشأوا؟.. هل سنكتفي بتوريثهم كل هذه الأحقاد والخلافات.. أم سنحاول صنع أرضية ومشهد يشترك فيه الكل كلا حسب جهده ومشاركته، ونخرج من مسرحية ولادة أجدادنا في كل مرة منذ 1000 سنة من الأحقاد..
ما لم يستفد من التاريخ سيظل يكرر سيناريو القوي الأحمق والضعيف المتربص ويقلب الأدوار في كل مرة ليكتشف أنه كحمار الرحى، يرجع بعد معاناة شديدة إلى نفس نقطة الانطلاق.. إن الأمر بأيدينا تماما ولكن لابد من انتصار حقيقي على الذات والأفكار المسبقة والسلبية لنصل إلى شيء يشكرنا عليه أبناؤنا !!