الرئيسيةالراي

رأي- لا تهزأوا بالضعيف وسط الأقوياء!

* كتب، محمد جمعة البلعزي،

قديماً.. في صباح أحد أيام الأحد.. كنت أقود سيارتي على الطريق الرابط بين مدينتي غرناطة وقرطبة.. وبعد ساعتين.. وكما توقعت قبل بدء رحلتي.. تعطلت سيارتي “الرينو 5” المتهالكة.. أوقفت السيارة إلى جانب الطريق على أمل أن يساعدني أحد..

بعد 10 دقائق مرت سيارة “مرسيدس بنز كومبريسور” فضيّة اللون.. مذهلة.. بسرعة 190 كم/ساعة.. وفي لحظة ما رأيت المرسيدس تتوقف وتتراجع نحو سيارتي الصغيرة..

عرض عليّ صاحب المرسيدس أن يسحب قطعة الخردة المسكينة الخاصة بي.. فقبلت على الفور وأنا أطلب منه ألا يسير بسرعة كبيرة.. طبيعي.. وإلا فإن سيارتي وأنا سننتهي إلى الجحيم.. اتفقنا على أن أقوم بإعطائه إشارة ضوئية كلما زادت سرعة المرسيدس..

بدأت سيارة المرسيدس في سحب سيارتي.. وكلما تجاوزت السرعة المسموح بها.. أشير إليه بالضغط على زر الضوء.. أقول “الضوء” في صيغة المفرد.. لأن أحد الفنارات كان معطلاً..

بعد فترة.. لحقت بنا سيارة “بورش كاريرا جي تي 2”.. سوداء.. تجاوزتنا بسرعة خاطفة.. أثار الموقف حنق صاحب المرسيدس.. لم يسمح لنفسه أن يُهان.. لم يفوّت على البورش الفرصة كي تفوز على المرسيدس.. فهبّ إلى زيادة سرعة سيارته: 120.. 130.. 150.. 190.. 210.. 240.. 260 كم/س! أحسست أنه نسي أني ألهث خلفه منذ أن ربطت مصيري بمخطاف سيارته.. يجرّني كقاطرة بحرية في عرض محيط..

الفزع أخذ مني كل مأخذ.. كنت يائساً.. وملامحي تشير.. دون أن أراها.. إلى حالة الهلع التي سرت بجسدي المحصور في سيارتي الضئيلة.. عداد السرعة بسيارتي كاد يقفز من جحره.. اشعلت.. بشكل جنوني.. أضواء كل ما تبقى من مصابيح بسيارتي.. لكن صاحب المرسيدس كان مشغولاً في مراقبة السائق الثاني.. كانا في حالة سباق وتحدٍ محموم..

فجأة مررنا بنقطة شرطة مرور على الطريق السريعة.. لم أقدر حتى على رؤية رادار المراقبة.. الذي سجل سرعة 270 كم/ساعة. أسرع الشرطي إلى الاتصال عبر الراديو بأقرب مركز للحرس المدني:

انتبهوا! انتباه!.. رجلان أحدهما يقود سيارة مرسيدس كومبريسور فضيّة.. والآخر سيارة بورش كاريرا سوداء.. يتسابقان بسرعة 270 كم/ساعة.. وأقسم بأطفالي أن خلف المرسيدس مباشرة تجري سيارة رينو 5 قديمة وأضواؤها تومض كي يفسحا لها الطريق!

كلما تذكرت ذلك.. أشعر بالفخر أنني كنت يوماً من عداد سائقي سيارات السباق عالية السرعة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى