* كتب/ محمد أبوفلغة،
أقصد بالمركزية هنا إما أحداثا معينة أو أشخاصا يتخذهم المرء أساساً لتفكيره ونظرته للأشياء، ومعياراً للحكم على المواقف وعلى الآخرين.
غالباً ما تنشأ هذه المركزيات عن انفعالات عاطفية لا عقلانية إما محبة أو كرها. مشكلة هذه المركزيات أنها تقلص وتضيّق الأفق بشكل مسيء، ومن هنا ينكشف عوارها في القضايا السياسية. تصدر هذه المركزيات عن انفعالات وتُنتج في الوقت ذاته انفعالات بدل مواقف سياسية منطقية وعقلانية.
على سبيل المثال، يتخذ بعض الناس النظام السابق مركزية، يوالون من يواليه ويعادون من يعاديه؛ وبالمقابل يتخذ آخرون ثورة فبراير مركزية، وهم كذلك يوالون من يواليها ويعادون من يعاديها. في المركزيتين تقليص مجحف لما يمثله النظام السابق وما تمثله ثورة فبراير، وفيهما تضييق لأفق من يتخذونهما مركزية بحيث تبدو مواقفهم في غاية البساطة السياسية، وكأنها مواقف نفسية أولية: إما ود أو بغض.
هذه المركزيات لا تسمح للمرء بالنظر إلى المشهد السياسي كوحدة متكاملة، بل تختزله إلى حلقات ثنائية الأقطاب: إما أبيض أو أسود. وبالتالي، يعجز المرء عن رؤية الوضع على حقيقته وينعكس ذلك على مواقفه وتحليلاته.
لا يلام الفرد العادي على اتخاذ مركزية معينة قد تحصر رؤيته للسياسة. ولكن ينبغي للفاعل السياسي -فرداً أو جماعة- أن يكون قادرًا على رؤية المشهد بصورة أشمل وأوسع، تتبين مواطن الخلل في كل موقف. كما ينبغي أن تكون البوصلة والمعيار الأساسي لأي فاعل سياسي هو المصلحة العليا للناس، لا حدثا أو شخصا بعينه.
للكاتب أيضا: