* كتب/ هشام الشلوي،
من المهلكات، ممارسة التنظير ممن لم يمارس العمل السياسي يوما.
وللخروج من التنظير إلى الأمثلة أضرب مثلا -ولله المثل الأعلى- بتقارب حركة حماس مع النظام السوري.
تستطيع أن تكتب مجلدات عظام وتخطب خطبا بالساعات عن إجرام نظام الفأر المسمى مجازا وزورا أسدا.
وتستطيع أن تنتقد وتسب حماس من وراء مكتبك في الدوحة أو في مقاهي باشاك شهير العامرة في إسطنبول.
وتستطيع أن ترسل آلاف الكلمات كالسيل العرم تغري فيها الشباب بالمقاومة حتى الموت دون أن تخسر درهما أو دينارا، بل قد تتعاظم وتنتفخ حساباتك الجارية وتتورم جيوبك بفئتي اليورو والدولار.
تستطيع كل ذلك وأكثر ولن يعاقبك أحد أو يزجرك ضمير، طالما أنت بعيد عشرات آلاف الكيلومترات عن غزة حيث الجحيم في أضج وأوضح صوره.
لأنك لم تخضع يوما لإكراهات السياسة ولم تعرف معنى إعادة إعمار بيت أو حفر بئر أو توفير حاجة أسرة غزاوية يقرصها الجوع ويهشم عظام أطفالها البرد.
ولأنك لم تشارك في معركة مع إسرائيل وتوزع أطفالك بين العائلات لعل أن ينجو أحدهم من قصف أحدث الطائرات وأشد أنواع الصواريخ فتكا.
ولأنك لم تخض يوما بقدميك المحلوقتين في نفق لا يعلم أحد هل ستخرج منه حيا أم جثة هامدة.
ولأنك لم تشعر بمعاني ضيق الخيارات وعسرها وصعوباتها ومرارة تجرعها.
وتلك فروق يسيرة بين يمارس وبين من ينظر من بنيات أفكاره التي لا علاقة لها بالواقع أو تحركه دول أخرى.
لذا كفوا أيديكم وألسنتكم الحداد رحمكم الله عن جلد حماس وقادتها الذين لا يملكون ترف التنظير.