* كتب/ أسامة وريث،
تواجه الأسد مع الديك، فنقره الأخير على رأسه مرتين 2-0 ولقي الأسد مصرعه على منقار الديك!
يبدو هذا مضحكا ومستحيلا داخل الغابة، لكنه واقعا حتميا خارجها
وتحت هذ الظرف المتكرر، أعتقد أنه يفترض على اتحادات الكرة الإفريقية والعربية وغيرها، أن تفكر جيدا قبل اختيار أي اسم! وأن تختار أيقونات بسيطة بعيدة عن شعارات الوهم والبطولات الفارغة. ففرنسا مثلا لم تختر اسم الصقر أو النسر أو حتى البوم، بل اختارت ديكا! وعلى الرغم من أنه ديكا وليس نمرا، إلا أنه ديك حائز على نجمتين بكأس العالم، وفي طريقه هو أو التانغو الأرجنتيني الى النجمة 3
خلال المباريات الأممية لا يفوت مسامعي التركيز على ما ينطق به المعلقون والمحللون وغيرهم من عبارات التفخيم والتعالي من نوع: أسود الأطلس/المغرب، محاربو الصحراء/الجزائر، نسور قرطاج/تونس، فرسان المتوسط/ليبيا، الفراعنة/مصر، أسود كنعان/فلسطين، أسود الرافدين/العراق، نسور قاسيون/سوريا، الصقور الخضر/وهم السعودية.
على الرغم من أن المغاربة قد وصلوا لأول مرة في تاريخ الكرة الإفريقية والعربية، الى المربع الذهبي. إلا أن بقية الأسود والنسور والنمور والصقور بعضهم يحلم فقط مجرد الحلم بالمشاركة في مونديال العالم!
البرازيل وبكل عبقريتهم الفنية والحركية والمهارية، أبطال العالم 5 مرات، وأفضل من أنجبوا لاعبين خصوصا على مستوى الهجوم وصانعي الألعاب والأطراف، ماذا تعتقدون أن تكون كنيتهم؟ أساطير؟ أساتذة؟ عملاقة؟ خرافيين!!؟
لكنهم ولتواضعهم لم يتسموا سوى باسم Seleção سيليساو، وأحيانا Samba السامبا، وهي مجرد رقصة شعبية فلكلورية!
إيطاليا أبطال العالم 4 مرات، وبكل عبقريتهم الكروية خصوصا في الصلابة الدفاعية والتكتيك والتدريب وسائر جودتهم الكروية في اطار الدوري الكالتشيو، اسمهم Azzurri أتزورّي وهو اسم بسيط لطيف ومتواضع جدا، يعني فقط “الزرق”!
الألمان وبكل عمالقة الكرة الألمانية عبر التاريخ، أبطال العالم 4 مرات، تسموا باسم المانشافت Mannschaft وتعني بالألمانية وبكل بساطة: الفريق!
بالنظر الى بقية منتخبات العالم: الأوروغواي أبطال 1930-1950 ثم الأرجنتين 1978-1986 ثم فرنسا 1998-2018 جميعهم حصدوا عدد 2 ألقاب. إنجلترا 1966 ثم إسبانيا 2010 لقب 1. لا تجد هذه البلدان تستخدم شعارات بطولية وجنونية وعنفوانية، رغم كل حقها في ذلك، ولكن تواضعها واضحا، ويمكن أن نلمسه حتى بأطراف أصابعنا!
فتسمت الأولى باسم La Celeste لا سيليستي، وهو اسم جميل يعني فقط “السماء الزرقاء” وتسمى الثاني باسم التانغو Tango وهي مجرد رقصة موسيقية تاريخية شعبية رباعية الميزان. فيما تسمى المنتخب الثالث في عدد حاملي لقب 2 كؤوس عالمية، وهي فرنسا، بطلة العالم في نسختين، ماذا تعتقدون أن تكون كنيتها الرياضية؟ نسر، عنقاء، صقر؟ إنها فقط تسمي نفسها بمنتخب الديكة! والمفرد ديك، وديك الدجاج، أو الديك الغالي le coq gaulois هو شعارهم حتى على قمصانهم!! غير أن إنجلترا مهد كرة القدم؛ كانت قد اختلفت عن هؤلاء الأبطال، فسمت نفسها بمنتخب الأسود الثلاث The three lions أما الإسبان وبكل فنونهم الكروية فاسمهم هو La Roja لا روخا؛ وهو أيضا اسم برئ، لا يدعي البهرجة ولا الغرور الفاشل من لا شيء، بل يعني فقط ” الحمر “!
منتخبات منطقتنا التي تتسمى بأسماء الأسود والنسور والصقور والنمور والفيلة وغيرها، حد طموحها هو فقط المشاركة في المونديال! المشاركة فقط هو إنجاز، واذا ما عبرت دور المجموعات 32 الى الدور الإقصائي الـ16 فإن ذلك هو حلم الأسود والنسور معا!
أما مصطلح “فرسان المتوسط” الكروي، الذي يُطلق على منتخبنا المتواضع، فهو أيضا واحد من مصطلحات نفخ الريش من لا شيء! كالدجاجة البلهاء تظن نفسها نسرا! تماما مثل مصطلح ” العظمى” الذي كان قد أطلقه الطاغية المختل القذافي، على بلادنا، التي كانت تسير منذ عهد المملكة الليبية وعلى قدم وساق، دستوريا ومؤسساتيا وبنيويا ودوليا وتنمويا وحقوقيا وإنسانيا .. ثم قام بتحطيمها وإرجاعها عقودا الى الوراء، فأصبحت خربة لكنها في نظره المشوه: عظمى.
ولست أدري أية فروسية كروية/رياضية، نتملكها نحن بالذات! ونحن حد طموحنا هو التأهل لكأس أفريقيا! 3 مشاركات فقط 1982-2006-2012 بطموح وحيد هو المشاركة بالدور الأول فقط!. ولا سجل واحد لنا في التأهل الى مونديال كأس العالم. لا يوجد، ولا حتى لقب إقليمي أو قاري واحد! فلم هذه الفرسنة الرياضية من لا شيء.
هذا الوضع الأسدي والنمري والصقري والنسري؛ يذكرني بكلمة أحد شعراء العصر الوسيط/الإسلامي، معلقا على تسمي ملوك طوائف الأندلس من الأمراء المسلمين الصغار حجما أمام منافسيهم من أمراء وملوك المسيحين، متسمين بأسماء كبار خلفاء المسلمين الأمويين والعباسيين الأوائل ممن وصلوا بسيادة الإسلام والمسلمين من السند شرقا الى حدود فرنسا غربا
قائلا عن أمراء الطوائف، بأنهم مثل الهررة/القطاطيس عندما تنفخ شعرها متشبهة بالأسود! أو كما قال:
مما يزهدني في أرض أندلس
ألقاب معتضد فيها ومعتمد
ألقاب مملكة في غير موضعها
كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد!