
* كتب/ محمد جمعة البلعزي،
ملأ الرئيس الأمريكي خطابه الموجه إلى الأمة بأكاذيب ملفّقة وانتقادات لسلفه جو بايدن.. متجاهلاً المخاوف الحقيقية لمواطنيه.. في خطابٍ استمر 18 دقيقة.. حافلٍ بأنصاف الحقائق والأكاذيب الصريحة والمبالغات المتواصلة..
خاطب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مواطنيه.. فيما كان من المفترض أن يكون إعلاناً عن الأولويات الأساسية لإدارته لعام 2026.. لكن الخطاب انحدر إلى مزيجٍ من التصريحات الأنانية والوعود غير الواقعية والهجمات الشخصية غير المفهومة على الرئيس السابق بايدن.. وهو خطابٌ يليق بزعيم معارضة أكثر من كونه يليق برئيسٍ للولايات المتحدة.. بأسلوبٍ مليءٍ بالعبارات المعادية للأجانب.. زعم ترامب بهدوءٍ أنه أنهى ثماني حروبٍ حول العالم وحمى الولايات المتحدة من غزو مجرمين.. أُطلق سراحهم من سجون ومصحّات عقلية.. في دولٍ معادية.. بل زعم أن البلاد تشهد واحدة من أفضل فتراتها الاقتصادية في تاريخها تحت قيادته.. وأن معدلات البطالة في مستويات جيدة.. وأن كل زعيم أجنبي يتحدث معه يؤكد له أن الولايات المتحدة هي “أكثر الدول جاذبية في العالم”.. وأنه سيخفض أسعار الأدوية بنسبة 600% .
يبدو أن ترامب غير مكترث بأن نجاحه المزعوم في صنع السلام لا يمت للواقع بصلة -وخير مثال الحرب المستمرة في أوكرانيا التي قال إنه سينهينا في غضون أسبوع-.. وأن سياسته المثيرة للجدل في الترحيل والمداهمات العشوائية خلقت مناخاً من الرعب بين المهاجرين في الولايات المتحدة.. وكثير منهم مستوطنين منذ عقود.. وأن البطالة قد تفاقمت بنسبة ثلاثة أعشار بالمائة مقارنة بالنسبة الإيجابية التي ورثها من إدارة بايدن.. أو أن التخفيض الموعود في أسعار الأدوية مستحيل حسابياً (عملياً.. يعني أن المستهلكين سيدفعون ثمنها).
بالنسبة للرئيس الجمهوري.. كثير ما كان الواقع مفهوماً نسبياً.. إذ ليس من قبيل المصادفة أن مستشاريه صاغوا مصطلح “الحقائق البديلة” لما هو في الحقيقة مجرد أكاذيب.. إلى جانب نزعاته الاستبدادية.. فإن هوس ترامب بسلفه.. جو بايدن.. لافت للنظر.. اتهم إدارة بايدن بوضع الولايات المتحدة تحت سيطرة المهاجرين غير الشرعيين والمجرمين، وجماعات الضغط والإرهابيين. بالطبع.. دون أن يُقدّم ترامب أي دليل على ذلك.. بقي الأمريكيون وبقية العالم يتساءلون عن كيفية تعامله مع التصعيد العسكري مع فنزويلا -وهو صراع لم يُشر إليه إلا عرضاً- وعن حقيقة وتداعيات الحرب التجارية التي شنّها على العالم أجمع تقريباً.. أو موقفه من الكشف الذي جرى في الأسابيع الأخيرة بشأن علاقته السابقة بتاجر الجنس المجرم جيفري إبستين..
غطّى خطاب الرئيس المتسرّع والمتشعّب على كل أمر.. لكنه تجاهل فيه المخاوف الحقيقية للأمريكيين.. بدءاً من غلاء المعيشة.. وتحاشى ذكر حالات القتل والإجرام المتزايدة.. قضايا أضحت تقض مضاجع مواطني بلده.. وما سيزيد طين شعبه بلة.. التخطيط لحرب وشيكة على فنزويلا.. بحجة وقف تهريب المخدرات.. لكنه يخفي نية الاستيلاء على نفطها وتغيير نظامها السياسي المناهض للولايات المتحدة.. إنه ترامب في حقيقته.. بكل ما للكلمة من معنى.. لعنة على سكان العالم.. بدءاً بسكان بلاده.. بما ينذر أن القادم أسوأ!



