
* كتب/ خالد الجربوعي،
“الأم مدرسة إذا أعددتها.. أعددت شعباً طيب الأعراق“..
قول شهير يتكرر كل ما ذكرت المرأة، وخاصة الأم، في إشارة إلى أن دورها في التربية والتنشئة هو أساس بناء مجتمع سليم، ذو أخلاق وقيم نبيلة..
حيث إنها المربية الأولى والنموذج الأسمى لأطفالها، ودورها في تربية الأبناء وترقية الشعوب أمر واقع لا يمكن إنكاره طيلة التاريخ، وهو ما أكده الواقع وبيّنَته المتغيرات..
فكلما ارتفعت أخلاق المرأة، وعرفت دورها الحقيقي المناط بها في تربية الأبناء وأجيال المستقبل على الأخلاق والفضيلة، كلما ارتقت الشعوب وارتفعت أخلاق مواطنيها وسمت أفعالهم.. وكلما حدث العكس وخرجت المرأة عن دورها الحقيقي وطلبت العكس، وبحثت عن منافسة الرجل في كل أفعاله، حتى السيئة منها والفاسدة، وكأنها تريد إثبات وجودها ولو بالتخلي عن دورها الحقيقي، ولبس ما ليس لها، وتخلت عن أخلاقها ولو بشكل محدود، وتعاملت بعقلية الرجل، وعملت على القيام بكل ما ينافي طبيعتها من تمرد وخشونة، وأفعال تتجاوز كل القيم الطبيعية والقانونية، كلما انعكس ذلك على واقع المجتمع والشعب الذي تعيش داخله ومعه.
فالمرأة هي المربي الأول، والمدرسة الأولى التي يتخرج منها الأبناء، فإن وجدوا امرأة وأمّا حقيقية تقوم بدورها في تعليمهم الأخلاق قولا وفعالا لا مجرد أماني ونظريات، خرجوا أصحاب تربية وأخلاق، وإيجابية وفعالية في العائلة والمجتمع.. وإن حدث العكس كانت النتائج كارثية على الأسرة والمحيط والمجتمع.
ولعل واقعنا اليوم خير دليل، والأمر هنا لا يتعلق بعلم ولا تعلم ولا شهائد ولا مناصب ولا مكان، بل بقيمة وأصول وقناعة.. فعندما كانت أمهاتنا أميات لا علم لهن لكنهن كن يملكن الأخلاق والقيم، ويحافظن على دورهن، أخرجن لنا أجيالا تملك القيم والأخلاق، يضرب بها المثل في المكانة والدور والقيمة والاحترام والتربية.. وعندما حدث العكس وتحولت المرأة إلى منافس للرجل، ليس فيما يفيد بل في ما لا يفيد أيضا، خاصة من أفعال وأقوال بحثا عن دعاية وشهرة مزيفة باسم حرية المرأة وحقوقها، وتقوم بما لا يحمد عقباه من خروج عن المسار ومخالفة كل المنطق الشرعي والقانوني والأخلاقي، أصبحنا نعيش في مجتمع أول ما يفتقده هو أخلاق أبنائه، الذين أصبحت أفعالهم تخرج عن كل الأعراف والقيم والشرائع والقوانين.
فالمرأة التي أصبحت اليوم أكثر بحثا عن الشكل دون القيمة، بداية من المدرسة، حيث تجد أن المرأة المعلمة أكثر تشجيعا للتلاميذ على الغش، وأكثرهم أهمالا لدورها في القيام بتعليم الطلاب حسب المطلوب بكل أمانة وثقة.. وأصبحت الأمهات يبحثن عن من يعلم أبناءهن الغش والنجاح على غير استحقاق.. إضافة إلى منافسة الرجل في الفساد الإداري، والبحث عن الثراء السريع بأي طريقة، حتى لو بمخالفة القوانين والشرائع وغيرها، وبكل الطرق الممكنة وغير الممكنة، دون أن ننسى مخالفتها –حتى- لقوانين السير، وعدم احترام الآخرين، والتلفظ بكلام لا يفترض أن يخرج عن صاحبة القيم والأخلاق..
لقد أصبحنا نعيش اليوم في مجتمع يفتقد أخلاق نسائه قبل أخلاق رجاله، في جل مناحي الحياة اليومية، وهذا لا يعني أنه لا توجد نساء فضليات يمكن أن يضرب بهن المثل، ويقمن بواجبهن على أكمل وجه، بكل أخلاق واحترام، ولكن هؤلاء أصبح وجودهن أمام الأخريات أقل، ما يجعل أصحاب الأخلاق المفقودة هن من لهن الكلمة والمشهد والسيطرة على المشهد العام، ومما مخرجاتهن من أبناء لا أخلاق لهم، خارجين عن القانون وسيلتهم الإجرام والإزعاج، تعج بهم شوارعنا، إلا خير دليل على ذلك.