* كتب/ عطية الأوجلي،
(1)
رغم أن المشهد الانتخابي الليبي يكتنفه الغموض ويسيطر عليه الارتباك ويعلو فيه صوت التشنج… إلا أنه لا يخلو من إيجابيات… فأن يدور الجدل حول شرعية وجدوى الانتخابات دون توافق سياسي او قاعدة دستورية… وأن يتخاصم الليبيون حول “قانون” الانتخابات… أن يتزاحم المرشحون على نيل المناصب عبر أصوات الناس… وأن نحتكم إلى الطعون والاستئناف عوضا عن الكلاشن والدبابة… وان نتواجه على قنوات التلفزة بدلا من جبهات القتال… أعتقد أن هذه الظواهر بما عليها من “ملاحظات”… هي في مجملها إشارات إيجابية وتمثل تطورا ملموسا في المشهد الليبي …
(2)
نعم ستكون هناك اختراقات وممارسات عديدة غير قانونية… وستسعى جهات كثيرة وطنية وأجنبية لاستغلال الوضع لصالحها دون مراعاة للمصالح الوطنية… ولكن هذا أمر متوقع وطبيعي… فلا يمكن الانتقال من وضع ساد فيه الانقسام والعنف وسيطرت فيه مفردات التخوين والتأجيج والكراهية… إلى واقع حضاري يتم فيه احترام القانون وتقبل فيه الانتخابات ونتائجها بروح طيبة… دون صعاب وتحديات وعثرات وتراجعات… هكذا هي الحياة… لا سبيل فيها لتغيير المجتمعات دون نضال وصراع وتطور تدريجي ……!!!
(3)
فالشعوب لا تقفز من العشيرة والقبيلة… إلى البرلمان والنقابة والحزب بين عشية وضحاها… ولا في استطاعة “مجتمعات” ذات بنية تقليدية… عاشت في عزلة لقرون من أن تتحول في عقود من الزمن.. إلى “دول” ذات مؤسسات ودستور ومحاكم دستورية وأحزاب ونقابات ونشطاء سياسيون…. وأن تمارس الفصل بين السلطات.. وتنعم بحريات الفكر والتعبير والصحافة… وتعيش كمجتمعات مدنية..
الأمر ليس بهذه “السهولة” وليس مجرد تغييرا في المسميات… وإنما هو صراع ونضالات بطيئة.. وحراك للأمام أحيانا وأحيانا أخرى للخلف.. هو انتصارات وانكسارات..
ودموع وعرق ودماء قبل أن يستتب التغيير..
نعم.. في مقدور المجتمعات من أن تسرع وتيرة التغيير فيها ولكنها في نهاية المطاف محكومة بالظروف الموضوعية وبقدراتها الذاتية وبقوانين التغيير التي لا ترحم ولا تجامل أحدا… فالطريق طويل وشاق… ولكنه الطريق الصحيح … !!!