* كتب/ خالد الجربوعي،
“شعب كمله الحديد” شباب كمله الحديد.. هذه الجمل كانت تتردد على ألسنة الكثير من الليبيين وخاصة كبار السن خلال السنوات والعقود الماضية، تعبيرا عما يتعرض له أبناء الوطن عامة وشبابه خاصة مما كانوا يسمونها بحرب إبادة تتمثل في حوادث السيارات، وما كان ينتج عنها من خسائر في الأرواح بين المواطنين، وخاصة الشباب منهم، والأسباب كثيرة ومتعددة، والتي كانت تعتبر من أكثر الأسباب وراء الوفيات والإصابات الدائمة للكثيرين في البلاد.
اليوم تغير الحال فقد أصبح لدينا حرب جديدة أنستنا تلك الحرب، وجعلتها تتأخر في ترتيب الأولويات رغم أنها مازالت متواصلة وتحصد كل يوم الأرواح والإصابات، إن الحرب الجديدة والتي يمكن أن نقول عنها إنها ساخنة بامتياز هذه المرة، إنها حرب الرصاص طبعا، يأتي على راسها الحروب والاشتباكات التي تشهدها البلاد منذ سنوات، هنا أو هناك لسبب أو لآخر، ولكن ليس موضوعنا هو ما يفقد خلال تلك المعارك والاشتباكات لأي سبب كان وإن كانت تبقى على رأس القائمة، إلا أن الحديث هنا يدور عمن يقتلهم الرصاص لأسباب لا معنى لها ولا قيمة، بدءا من المشاجرات البسيطة والتي تتحول إلى معارك بالرصاص يسقط خلالها القتلى والجرحى، إلى ما يمكن أن يتعرض له أي مواطن، ونتيجة محاولة سرقتها بدءا من السيارة إلى المحال التجارية إلى أي ملكية خاصة أو عامة أصبح الرصاص هو العامل الأساس في القيام بها، فيتم ذلك بعد أن يطلق الرصاص على أحدهم أو أكثر، فيقتل من يقتل ويصاب من يصاب حتى حد الإعاقة، فأصبح لا يمر علينا يوم إلا ونسمع عن أكثر من جريمة قتل أو إطلاق رصاص على أحدهم أصابه في جزء من جسمه لسبب أو آخر.
لم تبق السرقة والحرابة أول الأسباب، فقد أصبح الرصاص العدو الأول لنا، طبعا بسبب من يحمله ويستعمله في الوصول إلى أغراضه الدنيئة من أجل الحصول على حاجة الآخرين غصبا عنهم، وصل الأمر إلى القيام بذلك جهارا نهارا دون أي خوف أو تردد، بل أصبح من يقوم به معروف، وكثير لا يستطيع أحد إيقافه حتى صاحب الحق أصبح يشاهد غريمه كل يوم، ولكنه لا يستطع أن يعيد حقه أو يقتص منه، لأنه قد يكون تحت حماية جماعة مسلحة مستعدة للدفاع عنه والقيام بالعراك من أجله، وطبعا قد تكون مشرعنة من إحدى السلطات التي مرت على البلاد وحولتها إلى حماية الحمى، وهي من تفعل بأهل ما تفعل، من خلال بعض شخوصها المجرمين.
إن الرصاص أصبح يحصد الأرواح دون هوادة كل يوم، رجال أطفال نساء، دون فرق، وإن كان الشباب هم أكثر المفقودين موتا أو إعاقة أو إصابات مختلفة.
فإلى متى تستمر هذه الحرب اليومية دون حلول أو إيقاف من يقومون بها، ولا من يردعهم أو يوقفهم عند حدهم وينقذ البلاد والعباد من أمثالهم ومن رصاصهم المنفلت جدا؟
للكاتب أيضا: