* كتب/ عطية صالح الأوجلي،
رجال شرطة يقتحمون حرما جامعيا ثم يعتقلون وبقسوة مبالغ فيها سيدة في منتصف العمر… حاولت قدر جهدها أن تقول لهم أنها استاذة… وبروفيسورة في قسم الفلسفة… لكن كل صراخها ذهب سدى.. وتم اعتقالها في مشهد عنيف مذل…. مشهد كانت السلطات الأمريكية تجعله دائما فعلا مذموما وتقوم بإدانته بشدة خصوصا إن كان في ساحات مثل إيران أو روسيا.
لكن هذه المرة كانت في عقر دار أمريكا… وفي قلب جامعاتها التي اعتاد طلابها أن يقوموا بالتظاهر والاحتجاج دونما خوف… لكن يبدو أن هذه المرة كان احتجاجهم قد تعدى المسموح به… فقد تظاهروا مع فلسطين وضد غزاتها.
المشهد تكرر في العديد من الجامعات الأمريكية.. بل وصل في ألمانيا وفرنسا إلى حد عبثي… فعلى سبيل المثال قامت الشرطة الألمانية بمنع شابة من الالتحاق بساحة الاحتجاج لأن القميص الذي ترتديه به ألوان تماثل ألوان العلم الفلسطيني … !!!
المشهد يصيب المراقب المحايد بالحيرة… فهذه البلدان التي تسمح بحدود واسعة للتعبير عن الرأي لا يتسع صدرها العظيم لهتاف ضد أطول احتلال في التاريخ المعاصر… ويجعل المرء يكرر ما سبق وإن قاله الفيلسوف الفرنسي الراحل روجيه جارودي..
” في الغرب أنت تستطيع أن تهاجم كل رؤساء الوزرات ورؤساء الجمهوريات بكل حرية ولن يتعرض لك أحد… تستطيع أن تهاجم الأديان والفاتيكان والبابا، بل وأن تشكك في -أو تنكر- وجود الله ولن يتعرض لك أحد… أما إن انتقدت دولة (إسرائيل) أو شككت في وجود الهولوكست فستنصب على رأسك اللعنات، وتتعرض لهجوم إعلامي وقانوني واقتصادي شرس”..
لماذا يختفي الحياد والعقلانية حينما تكون (إسرائيل) طرفا في القضية؟… لماذا كل هذا الانحياز في التغطية الإعلامية لما يدور في غزة؟ ولماذا تصويرها وكأنها حرب بين جيشين وليست بين أكبر وأقوى جيش بالمنطقة.. وشعب محاصر وشبه أعزل لا يملك سوى إيمانه بقضيته وبسالة رجاله؟
لماذا هذه الحصانة التي تتمتع بها (إسرائيل) وتسمح لها بشن حرب شرسة ضد الأحياء السكنية وقتل المدنيين، وقصف مقرات الأمم المتحدة، وخطف طائرات من الجو، وشن غارات ضد دول مستقلة امتدت من بغداد حتى تونس ولا عقاب يطالها؟
لماذا (إسرائيل) هي بقرة مقدسة لدى الغرب.. لماذا؟
للكاتب أيضا: