الرئيسيةالراي

رأي- درس في الوطنية

* كتب/ خالد الجربوعي،

هي قصة أتذكرها منذ الصغار تقريبا أو بداية الشباب تحديدا حدثت في ثمانيات القرن الماضي أخبرنا بها حينها أحد الأقارب “رحمة الله عليه” والذي كان يعمل سائق تاكسي، عندما كان للتاكسي قيمة ومعنى ككثير من الأشياء التي انتهت اليوم وأصبحت ركاما.. المهم هذا القريب أخبرنا حينها وكان يتحدث إلى والدي “رحمه الله” وبعضا من العائلة في حضورنا، أنه في إحدى المرات التي كان يتواجد بها في تونس، وتحديدا في مدينة صفاقس بمحطة التاكسيات، حينها من أجل لقمة العيش، وكان معه عديد الليبيين ممن يمارسون نفس العمل ومن بينهم أحد زملائه المقربين منه. وهناك كما يبدو دار حديث سياسي حول الأوضاع حينها في البلدين بين بعض الليبيين والتونسيين، فتم خلال الحديث التطرق إلى القذافي ودوره في ليبيا، وحدث أن ذكر أحد التونسيين الموجودين بالمكان القذافي بسوء، وتعرض له بكلمات يبدو أنها لم تكن تليق وغير مناسبة.. فأخبرنا المتحدث أن زميله لم يتملك نفسه أمام تلك الكلمات إلا وهو يصفع ذلك الشخص التونسي على وجهه، فأسقطه أرضا، وكاد أن يواصل معه الصراع لولا تدخل الآخرين ليتم فض النزاع وإنهاء الحديث من أساسه.

كل هذا مجرد وصف لما حدث في تلك الأيام، لكن المهم في الأمر وما جعلني أذكر هذه الحادثة وما نتعلم منها من عبرة هو أن هذا القريب أخبرنا أنه بعد انتهاء الإشكال وفض النزاع اقترب من زميله متسائلا منه عن سبب قيامه بهذا العمل، وهو كما قال كان من أشد المعارضين، بل ربما الكارهين للقذافي حينها.. الأمر الذي أثار استغراب زميله وصديقه ناقل تلك القصة حسب كلام المتحدث، مضيفا أنه عندما سأله عن سبب هذا الفعل أن إجابته كانت تكفي لكل تساؤل ممكن يخطر على البال، حيث قال إنه رغم كل الكره الذي يكنه للقذافي ورفضه لكل ما يفعله بالبلاد، إلا إنه عندما يكون الأمر خارج الوطن ويتجرأ أحد من غير الليبيين على شتمه أيا كان الوصف فأن الأمر مرفوض.. لأن القذافي يبقى في نهاية الأمر ليبي، ورئيس بلادي، ولهذا لن أسمح لغير الليبي أن يهينه أو يتجرأ عليه بالكلام، وما قاله المواطن التونسي عنه أخرجني عن طوري وجعلني أفعل ما فعلته..

هذه القصة بقيت في ذاكرتي منذ ذلك الحين لما لها من قيمة، تقدم كيف يكون المواطن معتزا بوطنه أيا كانت الظروف، ورافضا لإهانة أي شخص في بلاده مواطنا أو مسؤولا، حتى لو كان يكن لها كل الكره.. هذا فعل مواطن بسيط ربما لم يدخل المدرسة أصلا، فكيف يفعل أصحاب أكبر الشهادات ومن يظنون أنفسهم خبراء وأساتذة في مثل هكذا موقف؟ أعتقد أن الإجابة واضحة، وكل يوم نشاهدها عبر الشاشات داخل البلاد وخارجها، ممن يسمون أنفسهم سياسيين ومعارضين وغيرهم ماضيا وحاضرا.. وهنا يكمن الفرق..

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى