الرئيسيةالراي

رأي- دائما في المكان الخطأ..

* كتب/ بشير الفيتوري،

كمية الجهل والتجاهل والعنصرية في الخطاب الإعلامي والسياسي الغربي تجاه القضية الفلسطينية لا تصدق.

هذا أمر تلمسه تقريباً في حديث أغلب السياسيين والإعلاميين الغربيين، يستثنى من ذلك قلة قليلة بالطبع. وتبلغ الظاهرة أوجها عند ترامب، الذي هو أحد أسباب هذه الحرب الأخيرة، تذكروا كيف روج لاتفاقات ابراهام، وتم تجاوز القضية الفلسطينية، لربما كانت هذه إحدى المسببات الرئيسية للهجوم الذي جرى فيما بعد في أكتوبر 2023.

ترامب بعد أن مدد لإسرائيل لمدة ستة أشهر تقريباً حاولت فيها إكمال تدمير القطاع بالكامل، ومنع دخول المساعدات واستخدام أية مساعدات كوسيلة للضغط. كمية الدمار في الستة الأشهر الأخيرة بعد وقف الهدنة التي دامت من يناير إلى مارس الماضي، كبيرة جداً. يتم إدخال مدرعات قديمة، يتم تحويرها لتعمل بشكل روبوتات وتحميلها بأطنان من المتفجرات، من 2 إلى 5 أطنان، وتفجيرها في أحياء سكنية. هكذا اختفت أحياء كاملة. بالطبع ربما هذه الأحياء ليس فيها سكان، تم إخلاؤها وإجبار السكان على التحرك جنوباً، الهدف كان تجميع كل سكان قطاع غزة في معسكر كبير في مدينة سموها (المدينة الإنسانية) مثل المنظمة الإنسانية التي أشرفت على توزيع ما سموه بمساعدات، والتي قتل في مراكز توزيعها أكثر من ألف فلسطيني أثناء تجمعهم للحصول على المساعدات.

ترامب يذهب إلى الكنيست الإسرائيلي ويتباهى بعلاقته مع نتنياهو، ويقول أنه يتصل به ويقول “نريد ذلك السلاح”، ويقول، “وأنا لا أعرف ما هذا السلاح أصلاً، ولكن أقول له حاضر ونوفر له ذلك السلاح، وهي أسلحة ممتازة جداً”، ويتباهى بالطبع بالسلاح الذي يصنعونه، ويخاطب الكنيست: “هو سلاح ممتاز جداً وأنتم استخدمتموه بشكل ممتاز”.

ثم يذهب إلى شرم الشيخ ليتحدث كصانع سلام، ولا يتفوه بكلمة واحدة عن حق الشعب الفلسطيني في أن يعيش مثل بقية الناس، بدون احتلال وبدون حصار وبحق تقرير المصير. لكن يبدو أننا أصلاً حتى نحن مازلنا لم نتحرر، لأنه ولا واحد من الحاضرين في هذا المؤتمر وفي اللقاءات العديدة استطاع أن يرد التهم وأن يضع الأمور في نصابها، وفي مقابل الوقاحة الفجة للطرف الآخر، جماعتنا عندهم مجاملات سخيفة، بل هو ذل وخوف وضعف بسبب أننا مازلنا لا نملك مصيرنا أيضاً وغير مؤثرين.

هناك نغمة جديدة، وهو مالنا ومال فلسطين، وفي ليبيا هناك حملة (بالتأكيد أن بعضاً منها مدفوع) ضد الفلسطينيين، وفي نفس الوقت أصبحت القضية الفلسطينية هي بوصلة الحرية والكرامة الإنسانية لدى الشعوب، وهناك صحوة غريبة لدى الشعوب الغربية. وغريب أمرنا، دائماً في المكان الخطأ.

كلمة أخيرة: بدلاً من الغضب والتعصب، لماذا لا نفكر بهدوء ونفكك هذا القصور الذي عندنا، ولماذا نحن (كمواطنين وشعوب وحكومات وإعلام ومجتمع مدني) ضعفاء إلى هذا الحد، سواء عسكرياً أو إعلامياً، أو اقتصادياً؟ ماذا يمكن أن نعمل؟ وبدلاً من لوم الآخرين على سوء الفهم أو سوء النية لنكن قادرين على الدفاع عن قضايانا بكل قوة ومقارعة الحجة بالحجة، وقبل هذا أن نكون صادقين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى