* كتب/ اديس بوفايد،
لا يختلف ليبيان عاقلان على أهمية وضرورة تغيير الواقع المزري وتجديد شرعية المؤسسات السيادية عاجلاً لا آجلاً.. ولكن يختلف الكثيرون للأسف في الطريقة والآلية المؤدية لهذا الهدف السامي ..
مطالب الطرفين المتخاصمين المتقابلين بما في ذلك النخب من الطرفين للأسف في جوهرها لا تتعدى عن كونها أمنيات وأحلام، ولو عُرضت على ميزان الواقع والممكن ومعطيات الزمان والمكان والحال لما صمدت للحظة واحدة ..
فالقول بانتخابات رئاسية أولاً وإرجاء الانتخابات البرلمانية لعدة أشهر لاحقة مرفوض وبقوة من الطرف المقابل، ولن يتم التوافق عليه بحال كون المشكلة الرئيسية هي في السلطة التشريعية القائمة قبل غيرها ..
وكذلك القول بالانتخابات البرلمانية وتشكيل حكومة جديدة أولاً، وإرجاء الانتخابات الرئاسية إلى ما بعد إنجاز البرلمان القادم للدستور الدائم أمر مرفوض من الطرف المقابل، الذي يتحكم في نصف مساحة الدولة الليبية تقريباً لخوفه من سحب البرلمان القادم البساط من تحت أقدامه ورفع الغطاء المرقع والبالي أصلاً عنه ..
لذلك من غير المرجح إطلاقاً التوافق على أساس دستوري وقوانين انتخابية تماشياً مع أيٍّ من هذين المطلبين المتناقضين على حِدة، اللهم إلا إذا تنازل أحد الطرفين ورضخ للآخر رضوخ الخاسر المهزوم ..
كما إن خارطة طريق تونس/جنيف والدول الكبرى ترى أهمية كبرى للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة، لكون الرئاسة المنتخبة ستتولى القيادة الشرعية العليا للجيش، وتعالج الانقسام العسكري والأمني بشكل جذري، وتؤسس الانتخابات البرلمانية لمؤسسات سيادية متجددة الشرعية والفاعلية وتضغط بقوة في هذا الاتجاه ..
لكل ذلك فالحل العملي الناجع والممكن والبعيد كل البعد عن الأحلام والأمنيات هو في اجراء انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة ولكن على أساس دستوري متين منذ البداية ..
ويتأتى ذلك بكل تأكيد بإجراء استفتاء شعبي إلكتروني على مشروع الدستور المنجز بمرسوم رئاسي مسؤول، وذلك من خلال إرسال صورة إثبات شخصية مرفقة بصورة من البطاقة الانتخابية لحساب محدد للمفوضية وعن طريق رقم تلفون الناخب المربوط بالرقم الوطني رسمياً ..
هذا الإجراء العملي والممكن لا يمكن لأحد أن يقف في طريقه، ومع تفعيل متزامن للدائرة الدستورية لتعزيز أو نقض نتيجة الاستفتاء الإلكتروني النهائية وإصداره من قبل المجلس الرئاسي حال تم قبوله بإرادة شعبية ليبية ثابتة ..
مع تحقق هذه الخطوة الجوهرية واعتماد الدستور الدائم ونفاذه الآني فلا يتبقى إلا إصدار القوانين الانتخابية الرئاسية والبرلمانية بمراسيم رئاسية طبقا لنصوص الدستور المستفتى عليه وفي المهل المحددة بمواده ..
ذلكم هو الطريق لمن أراد البحث عن الحل العملي والممكن، بعيداً عن الأحلام والأماني سواء أكان من النخب أو من النشطاء أو من عامة البسطاء ..