
* كتب/ صلاح الدين عبدالله الجبو
الكل يعلم أن حوادث المرور في ليبيا عالية جدا، ومعدل الوفيات بسبب هذه الحوادث مرعب، ونسبة كبيرة من القتلى هم من الشباب. هذه المشكلة يمكن الوقاية منها وتجنبها لو أن الدولة أخذت التدابير اللازمة لتنظيم حركة المرور، وسن القوانين الضرورية وتنفيذها، وتطبيق الأحكام المفروضة لردع المخالفين، ولكن هيهات، من يطبق القانون في ليبيا وينظم الأمور الدنيوية في بلادنا العزيزة؟
وفي سياق هذا الموضوع نستطيع الإشارة إلى تقارير منظمة الصحة العالمية التي تقول إن وفيات حوادث المرور تتصدرها غينيا مع 37.4 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص، والثانية عالميا هي ليبيا مع 34 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص، وتليها هايتي 31.3، ثم غينيا بيساو 30.7، ثم زيمبابوي وسوريا 29.9 حالة، وخلاف ذلك، نجد أن إسبانيا لا تتعدى 3.5 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص.
ليبيا لديها بعض اللوائح المتعلقة بالسرعة داخل المدن وخارجها، ولكنها لا تُطبّقها ولا تفرض عقوبات على المركبات التي تتجاوز الحد الأقصى للسرعة، وهذا يؤكد لنا الحاجة إلى تطبيق القوانين لتحديد السرعة وخاصة داخل المدن، وتطبيق أنظمة مراقبة فعّالة، وتنفيذ أحكام هذه اللوائح والقوانين بصرامة. وعلى سبيل المثال وليس الحصر، نجد أن اسبانيا تضع للطرق حدود سرعة مشترطة حسب نوعها، فعلى الطرق التي تقع خارج المدن والقرى، يبلغ الحد الأقصى للسرعة 120 كم/ساعة على الطرق السريعة الحديثة، بينما يبلغ 90 كم/ساعة على الطرق التقليدية.
أما في داخل المدن والقرى، فتبلغ السرعة القصوى 50 كم/ساعة على الطرق ذات مسارين أو أكثر في كل اتجاه، و30 كم/ساعة على الطرق ذات مسار واحد في كل اتجاه، أما الطرق ذات السطح المشترك (ليس بها رصيف)، فيبلغ الحد الأقصى 20 كم/ساعة. ويمكن تخفيض هذه الحدود بشكل أكبر من خلال لافتات خاصة.
وفيما يتعلق باللوائح الخاصة بالسائقين، فإن ليبيا لا تعير أي اهتمام لعوامل الخطر الخمسة التي حددتها منظمة الصحة العالمية وهي السرعة، وأحزمة الأمان، والخوذات، ونقل الأطفال، ورخصة القيادة. ولهذا السبب، تعتبر ليبيا إحدى الدول التي تشهد أعلى معدلات وفيات حوادث المرور، ولازالت هذه المعدلات مستمرة في الارتفاع، ونلاحظ أن المستشفيات الليبية يصل إليها يوميا عدد كبير من ضحايا حوادث مرورية، ويُدخل أغلبهم إلى قسم العظام.
في الختام، نقول إن انعدام الأمن في الطرق الليبية أمر مؤسف وخطير جدا، ومع ذلك نلاحظ أن هذه الكوارث لا تُحرك مشاعر المسؤولين، رغم أنهم يتنقلون عبر طرق المدن الليبية ويرونها بأم اعينهم، ولا تهمهم سلامة المواطنين وسياراتهم المتهالكة، ولا يهمهم رؤية الطرق العاطلة والرديئة وغير الملائمة والمليئة بالحفر، وأيضا لا يهمهم جمال المدينة ونظافتها، مما يجعل من يزور المدن الليبية يتذكر أفقر مدن العالم، ولهذا السبب يجب أن يكون هذا الموضوع أحد أهم اهتماماتهم اليومية.



