الرئيسيةالراي

رأي- حل المشكلة الأساسية أولا

* كتب/ عبدالله الكبير،

تعود من جديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي شكاوى المواطنين من تزايد أعداد الجاليات الإفريقية القادمة من جنوب الصحراء، فأعدادهم المتضاعفة باتت لافتة جدا، وهم يؤسسون لوجود مستدام بهذه الأعداد الضخمة، بالإقامة والعمل وتأسيس قواعد اقتصادية يعتاشون منها في كل المدن والقرى الليبية. كلهم تقريبا اقتحموا الحدود من دون تأشيرات دخول رسمية، ومن دون حصر ومتابعة، وبقية التفاصيل الإدارية التي تعمل بها كل دول العالم لتنظيم الوافدين إليها.

يتشعب النقاش الوطني حول هذه الظاهرة القديمة الجديدة، والكل يدلي بدلوه ويقترح الحلول الممكنة وحتى المستحيلة، وفقا لحجم المعرفة بهذه المعضلة على المستوى المحلي، وكذلك الإقليمي والدولي، مع الأبعاد الحقوقية والإنسانية والقانونية.

نقاش هذه الظاهرة لا طائل من وراءه، فالظاهرة في حد ذاتها عارض لمرض يمتد ويتعمق، شأنها شأن أعراض أخرى الكل يعرفها ويشعر بوطأتها على معيشته، ويدرك أن تأثيرها سيتواصل خلال السنوات المقبلة، كالفساد الذي نخر كل القطاعات بما فيها التعليم.

محاولة علاج مظاهر الأزمة أو أعراضها، هو فقط مسكن يمكن أن يخفف منها أو يحد من قبحها، ولكنه لن يستأصلها، فالأعراض ستعود فور نهاية مفعول المسكن.

وللتوضيح، لعل الكثيرين يتذكرون الحملات التي كان ينفذها الأمن ضد العمالة الوافدة زمن النظام السابق، ويشرع في جمع أعداد منهم وترحيلهم عبر الحدود إلى بلدانهم، ويلاحظ الناس خلال أيام الحملة خلو الشوارع منهم، ويصبح الحصول على عامل أو فني أمر شاق للمواطنين، مع ارتفاع أسعار الخدمات، بسبب حذر العمال من الظهور في الشوارع خشية القبض والترحيل، وبعد عاصفة الحملة التي تستمر عادة مابين أربعة إلى ستة أسابيع، يعود الهدوء إلى أوساط تجمعات الأجانب، وتعود الحركة كما كانت قبل الحملة، وينشغل الناس في خازوق آخر من خوازيق النظام الجماهيري البديع.

طالما أصل المشكلة قائم فكل نتائجها وتداعياتها باقية. هذه هي المعادلة باختصار، لا يمكن أن تمنع الفيضان بالرجاء والدعاء أن يتوقف المطر، يتعين عليك الاستعداد بالسدود وقنوات تصريف المياه، ومن غير المجدي تطوير مبيدات البعوض والمستنقع يزدهر، تجفيف المستنقعات هو نهاية البعوض وكافة الحشرات والقوارض الضارة. فمعالجة أي ظاهرة تستدعي معالجة البيئة التي أفرزتها وساعدت على تناميها.

فاذا بقينا في خانة البحث عن سبل معالجة الأعراض، ولم نسع لوضع حلول للمشكلة الأساسية، فلن تكون هناك أي نتائج ملموسة، لا لأزمة الهجرة الفوضوية ولا أي معضلة أخرى من معضلاتنا العديدة.

المشكلة الأساسية هي حالة الصراع السياسي بين سلطات الأمر الواقع، التي يتلبسها جموح منقطع النظير للسلطة، ومستعدة لبيع الوطن ومقدراته من أجل الحفاظ عليها، ولا تدرك الكارثة التي تقود الوطن إليها بهذا الهوس غير العادي بالسلطة.

الحلول ممكنة ولكن سلطات الأمر الواقع تتجنبها، وتعمل على تقويضها لكي تستمر في مواقعها، لذلك فالخطوة الأولى هي إسقاط كل السلطات القائمة الآن، وتأسيس البديل المنتخب من الشعب، حينها فقط يمكننا أن نضع السلطة المنتخبة أمام مسؤولياتها، ونطالبها باتخاذ الإجراءات القانونية والسياسية للحد من هذا الطوفان البشري، وندعوها للتفرغ تماما لقضايا الوطن والشعب، إذ لن يكون هناك صراع سياسي يشغلها عن هذه المهمة، فالطريق لممارسة السلطة سيكون متاحا وواضحا بالسبل السلمية القانونية، لا بالانقلابات والاستقواء بالخارج، أو بالعبث الذي يمارسه مجلس النواب الحالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى