الرئيسيةالراي

رأي- حرب أكتوبر والانتصار الوهمي..!!

 * كتب/ خالد الجربوعي،

أحيا المصريون منذ أيام  ذكرى حرب 6 أكتوبر 1973، والتي يحتفلون بها خاصة ومعهم العرب عامة على أنها نصر كبير لا مثيل له وحدث لا سابق له..

ولكن السؤال هل حقا انتصرت مصر؟ ومن خلفها العرب في هذه الحرب فعليا، وما كان من نتائج بعدها كان لصالح مصر والعرب أم أن العكس هو الذي حدث..؟؟!!

لأن هذه الحرب لم تكن مجرد ضربة جوية، وعبور من ضفة إلى أخرى وانتهى كل شيء، بل كانت أكبر من ذلك، وهذا ما لا يريد من يسوقون للنصر الحديث عنه، مكتفين بالحديث عن اليوم الأول للحرب وما حدث فيه من عبور مصري من الضفة الغربية لقناة السويس إلى الضفة الشرقية، في عملية لا يمكن إنكارها أو التقليل من شأنها..

أم كيف انتهت الحرب عسكريا، ومن الجيش الذي تم حصاره لعدة أشهر، ومن الذي رضخ للمفاوضات؟ ومن الذي دفع الثمن السياسي بعد ذلك؟ ومن الذي حقق الانتصار السياسي بالاعتراف به وهو ما فشل في تحقيقه حتى بعد هزيمة 67..؟؟!!!

كل هذه الأسئلة إجابتها لا تخفى على أحد، أو أي متابع بسيط لتفاصيل أحداث هذه الحرب ونهايتها.. وهناك سؤال آخر مهم جدا يدور كثيرا حول هذه الحرب  لم يحسم بعد.. وهو هل كانت هذه الحرب حرب تحرير حقا، أم مجرد حرب تحريك من أجل الوصول إلى ما تم الوصول إليه بعد ذلك..؟؟!!

إن الحديث عن هذه الحرب يطول، وخفاياها لا حد لها كما يبدو، وألغازها أكبر من مجرد عبور وضربة جوية، وتحتاج إلى كلام طويل، بل لو خرجت خفايا هذه الحرب وما كان قبلها وما بعدها لربما اكتشفنا الكثير من الأسرار التي ستغير كل ما يقال عن هذه الحرب.. ولو فتحت ملفات الاستخبارات المصرية والصهيونية والأمريكية والسعودية، وغيرها من استخبارات دول إقليمية ودولية لها علاقة بهذه الحرب، لهلع الكثيرون مما قد يكون بها من تفاصيل..

فلهذا ومن وجهة نظر خاصة أعتبر أن هذه الحرب كانت كارثة وهزيمة، ربما تفوق هزيمة 67، لأن نتائجها وما وصل إليه الحال المصري والعربي بعدها خير دليل على ذلك ..

المصريون في حرب أكتوبر حدث لهم ما يحدث لفريق كرة القدم الذي دخل مباراة فقدم بها مستوى جيدا مع بدايتها، وسجل هدفا غير متوقع في دقائقها الأولى، ثم توقف عند ذلك ليتمكن الفريق المنافس من العودة في المباراة وإمطار شباكه بعدة أهداف خرج بها منتصرا في المباراة، وحقق البطولة، لكنه بقى لا يتذكر من كل المباراة إلا هدفها الوحيد، ودقائقها الأولى، ولا يتحدث إلا عنهما متناسيا نتيجة المباراة النهائية ومن حقق البطولة، وطبعا معه بعض العرب المصدقين لذلك، ومن يخبروننا أنهم كانوا مشاركين في المباراة رغم أنها أقيمت من دون علمهم حتى بدايتها فعليا ..

دولة الاحتلال انتصرت على العرب في حرب 67 في خمس ساعات، واحتلت من الأراضي العربية ما لاحد له في عدة دول، بل وضربت حتى مطارات داخل المدن والأراضي المصرية، ودمرت الطيارات وهي في مواقعها، ولم تقل إن ما فعلته يدرس في تاريخ الحروب.. مصر مجرد عبور من ضفة إلى أخرى من أجل إعادة أراضيها، ورغم فشلها في تحقيق ذلك عسكريا.. بل إن الحرب انتهت وجيشها هو المحاصر، حولت الأمر إلى حرب وانتصار لا مثيل له، ويدرس في تاريخ الحروب كما قالت..

طبعا هذا الأمر ليس بجديد على الدول العربية التي تحول كل فعل إلى بطولة، وحدث تاريخي، لأنها تفتقد إلى الانتصارات الحقيقية، فتحاول تسويق الأوهام والانتصارات المحدودة.. هذا إن قلنا إنه كان هناك نصر في حرب أكتوبر أصلا ..

نصر أكتوبر الحقيقي هو الذي حدث فعلا داخل أراضي فلسطين المحتلة، وحققه أبطال المقاومة الفلسطينية في غزة في سنة 2023، رغم أنهم دفعوا ثمنا غاليا لاحقا، إلا إنه يبقى حدث لا سابق له في تاريخ الصراع العربي والصهيوني ..

فما حدث قبل 50 عاما من وهم وتزييف، حدث بعده ما منح العدو ما لم يحققه حتى في نكسة 67.. ليصل الحال إلى ما وصل إليه من اعتراف وتطبيع وانهزام وذل، من قبل أنظمة ليس لديها إلا الكذب والادعاء.. لكن ما يحدث اليوم يضاف إلى ما حققته المقاومة اللبنانية في سنة 2000م، فهذه هي الانتصارات الحقيقية التي دفع العدو ثمنها وليس أبناء فلسطين وبقية الدول العربية ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى