الرئيسيةالراي

رأي- حراك موظفي العدل في ليبيا: صوت الموظفين الكادحين من أجل الإنصاف والكرامة

* كتب/ مروة الطيف،

في مشهد نادر يعكس عمق الانتماء الوطني والوعي الحقوقي، انطلق حراك موظفي العدل والهيئات القضائية في ليبيا، كتكتل وطني حر، يجمع موظفي المحاكم والهيئات القضائية من مختلف أنحاء البلاد غرباً شرقاً جنوباً، دفاعًا عن حقوقهم المسلوبة والضائعة، ومطالبة بتحقيق أبسط مقومات الحياة الكريمة في ظل أوضاع اقتصادية متردية وغلاء معيشي خانق ومدى المخاطر التي تواجههم في الأحداث الأخيرة.

لم يكن هذا الحراك سياسيًا أو مدفوعًا بأي أجندة خارجية أو نتيجة ضغط، بل جاء من رحم المعاناة اليومية التي يعيشها الموظف الليبي، لا سيما في قطاع العدل، الذي يُفترض أن يكون عنوانًا للإنصاف والعدالة، لكنه –للمفارقة– يعاني موظفوه من التهميش والإهمال المستمر وانتهاك حقوقه.

البداية من الوجع.. والانطلاق من طرابلس

بدأ الحراك فعليًا في يوليو 2024، حين بادر ممثلو موظفي العدل من مختلف المدن الليبية بالسفر إلى طرابلس، حيث التقوا بالأستاذة حليمة عبد الرحمن البوسيفي، وزيرة العدل الليبية ، وسلموها مذكرة رسمية تتضمن مطالب الموظفين، والتي تلخّصت في:
1. زيادة الرواتب بما يتماشى مع ارتفاع تكاليف المعيشة.
2. صرف الفروقات المالية المتأخرة، وتعويض خصم الـ20٪ الذي طال الموظفين لمدة تجاوزت سنة ونصف.
3. إصدار تأمين صحي شامل للموظفين وأسرهم داخل وخارج البلاد.
4. تسوية أوضاع الموظفين المتعاقدين منذ عام 2014 وصرف رواتبهم مباشرة عبر المصارف.
5. صرف مستحقات المتقاعدين المتوقفة منذ سنوات.

وقد أكدت البوسيفي دعمها لهذه المطالب ووعدت بإحالتها إلى الإدارات المختصة والعمل على متابعتها.

من المكاتب إلى الشوارع

بعد اللقاء الرسمي، انتقل الحراك إلى الشارع عبر تنظيم وقفات احتجاجية سلمية في جميع مدن ليبيا، بدأت في 19 ديسمبر 2024، وعبّر خلالها الموظفون عن مطالبهم في أجواء حضارية حقوقية خالية من الفوضى، مؤكدين تمسّكهم بالسلمية ورفضهم لتسييس قضيتهم الحرة .

استمرار التنقل والطلب بحقوقهم

لم يكتفِ الحراك بالوقفات، بل واصل ممثلوه جهودهم بالسفر إلى مدن طرابلس، مصراتة، بنغازي، حيث التقوا بمسؤولين حكوميين وقدموا لهم ملفات رسمية توضح حجم المعاناة وتفصيلات المطالب.
كما تم التواصل مع مجلس النواب بهدف إصدار قانون ينص صراحة على زيادة مرتبات موظفي العدل أسوة بباقي القطاعات، ويضع حدًا لمعاناة آلاف العائلات الليبية.

حراك يمثل كل ليبيا دون تمييز صوتًا واحد بقلبً واحد

يتميز الحراك بشموليته ووطنيته، حيث يضم ممثلين من جميع محاكم الاستئناف الليبية:
من طبرق، درنة، البيضاء، المرج، بنغازي، اجدابيا، الزاوية، القره بوللي، طرابلس، مصراتة، سبها، صرمان ، تشكّل صوتًا موحدًا ينطق باسم الموظف البسيط الذي يعمل بصمت خلف جدران العدالة، دون أن ينال حقه في الإنصاف.

رسالة الحراك

يرفع هذا الحراك شعارًا واحدًا: “نحن أبناء العدالة.. ونطالب بالعدالة لأنفسنا”.
وهو يؤمن بأن بناء دولة القانون يبدأ من مؤسساتها، وبأن تجاهل حقوق موظفي العدل يُعد تقويضًا للثقة في العدالة برمّتها.

في الختام

حراك موظفي العدل ليس مجرد احتجاج، بل هو تعبير راقٍ عن الوعي، والانتماء، والإصرار على نيل الحقوق بالطرق المشروعة.
وما لم تستجب السلطات لهذه المطالب المشروعة، فإن الرسالة ستكون واضحة: لا عدالة بلا إنصاف العاملين فيها،

جنود للعدل حقوقهم مسلوبة!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى