* كتب/ الهادي بوحمرة
مع تمني إكمال المسار الدستوري، والانتهاء إلى الاستفتاء، ألا أن ذلك لا يمنع من ملاحظة الآتي: التطور الأخير في القواعد الحاكمة للعملية الدستورية، زاد من تعقيدات المسار الدستوري الليبي.
عدة عقبات وضعت للحؤول دون إكماله. عقبات بدأها المؤتمر الوطني بالجمع بين انتخاب الهيئة التأسيسية والاستفتاء، واشتراط موافقة ثلثي أعضاء الهيئة زائد واحد؛ لإقرار المشروع؛ وثلثي المقترعين عند الاستفتاء، ليأتي بعده مجلس النواب، ويحافظ علي نفس الشروط المعقدة، ويضيف إليها تقسيم البلاد إلى ثلاث دوائر، ويشترط الاستفتاء بنعم بنسبة 50+1 في كل دائرة على حدة.
وبالاطلاع علي المسارات الدستورية في العالم، فإننا نصل؛ وبسهولة؛ لوصف العملية الدستورية الليبية بأنها الأعقد بين المسارات المقارنة. وبهذا التحوير، فإنه قد يوافق علي مشروع الدستور الأغلبية في كل دائرة من الدوائر الثلاث، دون أن يتحول المشروع إلى دستور، لأنه لم يتحصل على أغلبية الثلثين من مجموع المقترعين.
وقد يحصل على ثلثي مجموع المقترعين، ولا يصبح دستورا للبلاد، لأنه لم يتحصل على الأغلبية في كل دائرة علي حدة.
ومن نتائج ذلك إضاعة مشروع دستور نال ثلثي المقترعين، أو نال الأغلبية البسيطة في شرق وغرب وجنوب البلاد. ذلك لأنه لم يجمع بين الشرطين (الأغلبية في كل دائرة، وأغلبية الثلثين على مستوي ليبيا). علما بأن الضوابط التي سيخضع لها هذا المشروع سوف يخضع لها أي بديل له، فهل يمكن لبديل مشروع تحصل على ثلثي المقترعين أو الأغلبية في دوائر البلاد الثلاث، أن ينجح في الجمع بين الشرطين؟.
ومن ثم، فإن تعقيد تبني هذا المشروع، هو -أيضا- تعقيد لما يمكن أن يكون بديلا له، في حال عدم جمعه بين الشرطين في الاستفتاء. فلا يعقل أن يتحصل هذا المشروع على ثلثي المقترعين ولا يتحول إلى دستور، ثم تعدل القواعد، ويقبل بديله بأغلبية بسيطة فقط.
ورغم اعتقادي -والله أعلم- أن هناك احتمالا كبيرا أن يمر هذا المشروع في الاستفتاء العام، لأنه-من خلال التجارب المقارنة- من النادر أن تكون نتيجة الاستفتاء الرفض، إلا إننا نغامر بالدخول في حلقة مفرغة، باعتماد قواعد استثنائية ومعقدة، لإنهاء المسار الدستوري. ولن تكون ذلك في مصلحة معارضي هذا المشروع، في حال تمكنهم من طرح بديلهم للاستفتاء، إن لم يمر هذا المشروع.