
* كتب/ عمران اشتيوي،
الوطنية ليست مجرد كلمة تقال في الخطب ولا شعارًا نرفعه عند الحاجة، بل هي التزام دائم وموقف ثابت لا يتغير بتغير المصالح والظروف.
الوطنية الحقيقية تُختبر عند المواقف الصعبة، حين يكون على الإنسان أن يختار بين مصلحته الخاصة وبين مصلحة وطنه، لكن في واقعنا اليوم أصبح ادعاء الوطنية وسيلة يتخذها البعض للوصول إلى أهدافهم الشخصية، ثم لا يلبثون أن يتنكروا لها حين تصبح عبئًا على طموحاتهم.
لسنين طويلة، شهدت الشعوب الكثير من النماذج التي ادّعت الوطنية، لكنها في أول اختبار حقيقي كشفت عن وجهها الخفي، فالشخص الذي يكون حريصًا على مصلحته أكثر من حرصه على مصلحة وطنه لن يكون يومًا وطنيًا مهما قال أو ادعى، لأن المواقف وحدها هي التي تثبت مدى إخلاص الإنسان لوطنه، وليست الشعارات التي يرددها في العلن بينما يعمل في الخفاء لمصلحته وحده، كما قال الشاعر العراقي الراحل معروف الرصافي: (لا يخدعنك هتاف القوم بالوطن… فالقوم في السر غير القوم في العلن).
في عالم السياسة نجد الكثير من الأمثلة لأشخاص تاجروا بالوطنية ورفعوا أصواتهم عاليًا مدعين الدفاع عن الوطن، لكنهم في النهاية اختاروا مصالحهم الشخصية وتحالفوا مع من كانوا يهاجمونهم بالأمس، هذه التحولات ليست غريبة، فالكثيرون يرفعون راية الوطنية عندما تكون وسيلة للوصول إلى السلطة، لكنهم يتنكرون لها عندما تصبح عائقًا أمام طموحاتهم.
الوطنية الحقيقية لا تعني مجرد حب الوطن بالكلمات بل تعني الإخلاص له، بالعمل والتضحية من أجله دون انتظار مقابل.
رغم كل هذا ورغم كثرة المتنكرين للوطنية، يبقى الأمل في وجود أشخاص يحملون الوطن في قلوبهم ولا يساومون عليه، هؤلاء هم الذين يصنعون الفرق، وهم الذين يُعوَّل عليهم في بناء مستقبل حقيقي للوطن، الوطني الحقيقي لا يخشى التضحية ولا يتغير مع تبدّل المصالح، بل يظل ثابتًا في مواقفه، لأن الوطن بالنسبة له ليس مجرد كلمة، بل هو كيان يستحق الإخلاص والتفاني.