الرئيسيةالراي

رأي- النهايات وليدة البدايات

* كتب/ عبدالوهاب الحداد، 

قدم لنا تاريخ الدولة الليبية السياسي القصير نموذجين متناقضين لنهايات السلطة، الأولى، ملك انزوى عن حكمه بهدوء وصمت، تاركًا ملامح دولة، والثاني عسكري تشبث بالعرش حتى الدم، مخلفًا دمارًا وفوضى.

الملك إدريس السنوسي (1951 – 1969) لم يكن حاكمًا مستبدًا، لكنه كان زاهدًا حد الترك، لم تسكن شهوة السلطة قلبه ولا روحه، فغض البصر عن مملكته حتى صارت واجهة هشة يسكنها الفراغ، اسقطها ضباط صغار لم يطلقوا رصاصة واحدة، وانتقلت سلطة الدولة بحالها دون قطرة دم، ولا حتى عرق، يقال إنه قبل أشهر من ذلك راسل الملك السنوسي رئيس مصر جمال عبد الناصر يطلب منه أن يرجع إلى ليبيا مسبحة تعود إلى سيدي أحمد زروق.

على النقيض تمامًا، حكم العقيد القذافي الدولة الليبية بالحديد والنار أربعة عقود، لم يتردد لحظة واحدة في ارتكاب أفظع جرائم التاريخ ضد شعبه لأجل الحكم المفرد، رضخ المحكومين رعبًا حتى ظن القذافي أنه إله لا يفنى، وحين انفجر المرعوبون في وجه سلطانه جُن جنونه، وبدا مفصولا عن واقعه، فأسال الدماء أنهارًا، والدموع بحارا، وكان آخر كلامه مستفسرًا: ماذا هناك!

انحاز الملك السنوسي للعزلة والسلام؛ فعزل بسلام، و اختار القذافي السلطة برائحة الدم، فأسقط ذبحًا، وبين الدم والسلام كانتا نهايتين مختلفتين تمامًا، جمع بينهما قاسم واحد يقول: إن السلطة لا تدوم لمسالم، ولا تبقى لطاغية، وما النهايات إلا وليدة البدايات.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى