الرئيسيةالراي

رأي- المصالحة بين من ومع من..؟؟!!

* كتب/ خالد الجربوعي،

المصالحة والتصالح بين أبناء الشعب الواحد أمر لا يرفضه ولا ينكره أحد، فالمصالحة ونبذ الخلافات أمر محمود يطلبه كل من يريد وطنا سالما موحدا مستقرا، يعيش فيه كل أبنائه بخير وسلام واستقرار.

لكن هناك أمر يجب أن يوضع في الاعتبار، خاصة عند المصالحة السياسية، بين طالبي الحكم والسلطة ومن كانوا سببا في جل الخلافات والانقسامات بين أبناء الشعب الواحد ألا وهو..

بين من ومن يجب أن تكون المصالحة فعليا..؟؟!!

لأن المصالحة لا يجب أن تكون بين نظام سقط ورفضه الشعب وخرج عليه يوما، وطالب بانتهاء عهده نتيجة ما فعله بالبلاد والعباد طيلة عقود من الزمن، حكمهم فيها بالحديد والنار، وعمل على إذلالهم واستعبادهم وتدمير بلادهم.. فمثل هكذا نظام وأعوانه يجب أن يكون مكانهم المحاسبة القانونية والتاريخية، ويجب أن يعاقب كل من كان جزءا منه، وارتكب في حق الشعب ما ارتكب من جرائم مختلفة، بشرية ومادية وسياسية، من إعدامات وسجون وفساد واستغلال نفوذ وإهدار أموال وتعذيب البشر.. مثل هؤلاء يجب أن تتم محاسبتهم ومعاقبتهم على أفعالهم، لا أن يتم التفاوض معهم وإعلان المصالحة مع أمثالهم؛ لأن إسقاط الأنظمة يعني نهاية عهدها ووجودها ونهاية أصحابها ودورهم في الحياة السياسية، خاصة لمن كان لهم دور أساسي في استمرار ذلك النظام لعقود من الزمن، والمساهمة في كل أفعاله، لا أن يتم الجلوس معهم باسم المصالحة، ومنحهم صكوك البراءة، بل وحتى جزءا من السلطة والحكم..

التاريخ يخبرنا عن كثير الأمثلة التي سقطت فيها أنظمة وأصبحت خارج الفعل والحدث، فهل منحت ألمانيا بعد سقوط هتلر من كانوا أعوانه وجزءا من نظامه سلطة أو مصالحة أو حكما؟.. وهل منحت إيطاليا أتباع موسيليني مكانا في الحكم بعد نهاية عهده؟ وغيرهم الكثير..

إن التعامل مع أعوان النظام السابق، وأتباعه ممن لا يريدون الخروج من بوتقته الضيقة، ومن يريدون إعادة ما كان أو إعادة جزء من ذلك النظام البائد، يجب أن يكون عبر القانون والمحاسبة قبل كل شيء، لا عبر السلطة والمصالحة، ومن يريد منهم أن يخرج من تلك الزاوية الضيقة ويعيش كمواطن ليبي له حقوقه وواجباته، بعد محاسبته محاسبة عادلة على أفعاله طبعا، دون أن يطالب بحقوق نظام منته، أو عودته، فمرحبا به، ومن يريد غير ذلك فليذهب إلى مكان آخر، يبحث فيه عن ذلك النظام وهرطقاته.

والأمر لا يتوقف عند النظام السابق وأعوانه فقط، بل حتى من جاء بعده وتصدر المشهد في أي موقع من المواقع، وفعل مثلهم أو أكثر منهم، فعذب الآخرين، وقتل من قتل، ودمر ما دمر، وأهدر الأموال وفتح الجبهات وأقفل حقول النفط، وقسم البلاد وفتحها للأجنبي لكي يتحكم في مصيرها، وغيرها من أفعال لا تغتفر، هو الآخر تجب محاسبته ومعاقبته على أفعاله قبل أي مصالحة أو مشاركة في بناء وطن ودولة، يكون أساسها العدل والنظام والقانون.. والكلام يطول في هذا الأمر ولا ينتهي..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى