* كتب/ أنس أبوشعالة،
المرض الهولندي مصطلح اقتصادي معاصر، ظهر بعد تجربة هولندا مع الرخاء والهناء، دون عمل ولا شقاء بفضل إيرادات النفط والغاز.
هولندا كانت دولة غنية بإنتاجها الكبير للنفط، وكانت عائداتها الكبيرة سبباً في قوة عملتها مقارنةً بالدول الأخرى، مما جعل إنتاجها من الصناعة والزراعة القابل للتصدير باهض التكلفة بالنسبة للمستورد، وأصبحت الواردات أرخص بكثير حتى من قيمة المنتجات المحلية، وهذا أثر على قطاعي الصناعة والزراعة، فاستيراد السلع صار أيسر وأرخص من تصنيعها، كما أن التصدير صار كاسداً بسبب ارتفاع تكلفة المنتجات الهولندية بسبب ارتفاع قيمة العملة الهولندية.
نام الشعب الهولندي في العسل لخمسين عاما، منذ سنة 1900 حتى سنة 1950 ركن الشعب الهولندي للترف والبذخ والكسل وانعدام الإنتاجية، وأصبحت هولندا دولة ريعية، ينفجر النفط من أراضيها فتبيعه وتتنعم بإيراداته، دون الحاجة إلى العمل والإنتاج وتنويع مصادر الدخل، والبحث عن خلق مصادر دخل رديفة للنفط.
بعد عام 1950 حدثت الكارثة، انتهى النفط وجفت الآبار واكتشف الهولنديون أنهم شعب يأكل حتى الشبع، وينام حتى الظهيرة، ولا يفقه معاني التنمية والإنتاج والعمل، وحصلت له انتكاسة عظيمة وصدمة وخيمة أدخلت كافة الشعب في حالة نفسية كارثية، مصيبة لم تخطر لهم على بال، وانهار الاقتصاد الهولندي، وانتهى شهر العسل، ودفع الجميع ضريبة التقاعس والكسل،
المرض الليبي يعد متحورا متطورا من المرض الهولندي، وقد يكون أشد فتكاً إذا ما استمر هذا الحال على ذات المنوال، فلا رجاء للشفاء إلا بالكي أو البتر، قبل أن تأكل الغرغارينة السياسية ما تبقى من جسد الدولة الليبية.
إقرأ أكثر للكاتب: