
* كتب/ عمران اشتيوي،
نسمع كثيرا عن المقولة الشهيرة بأن المرأة نصف المجتمع، لكننا ننسى بأنها كذلك أنجبت نصفه الآخر.
في خضم التحولات السياسية والاجتماعية التي تمر بها ليبيا، تبرز قضية المرأة بوصفها مؤشراً لمدى نضج المجتمع وتقدّمه. وبينما ينشغل الخطاب العام بمفردات مثل “المساواة” و”التمكين”، يبرز تساؤل جوهري: هل الأجدر أن ننشغل أولاً بتحقيق المشاركة الحقيقية للمرأة قبل الحديث عن المساواة؟
المساواة فيها إجحاف في حق المرأة لاعتبارات عدة، لكنها قد تظلّ مجرّد شعار إذا لم تُترجم إلى حضور فاعل للمرأة في مختلف مناحي الحياة. فكيف نطالب بالمساواة في الحقوق السياسية، مثلاً، بينما لا تزال مشاركة النساء في الانتخابات أو المجالس البلدية والبرلمانية متواضعة؟ وكيف نرفع سقف المطالب بالتمثيل في المناصب العليا بينما تواجه كثيرات حواجز ثقافية واجتماعية تحدّ من أبسط أشكال المشاركة في القرار الأسري أو المجتمعي؟
إنّ التركيز على المشاركة كخطوة أولى لا يعني التنازل عن المساواة، بل يمثل سبيلاً عملياً لتحقيقها. فالمجتمع الليبي، بما يحمله من خصوصيات قبلية وثقافية، يحتاج إلى مقاربات تراعي الواقع وتبني عليه، لا أن تفرض عليه نماذج مستوردة قد لا تنجح في بيئته.
لقد أثبتت التجربة الليبية أنّ النساء عندما يُمنحن الفرصة للمشاركة، يحققن تأثيراً إيجابياً وملموساً، سواء في منظمات المجتمع المدني، أو في ميادين التعليم، أو حتى في مبادرات السلام والمصالحة. والرهان اليوم يجب أن يكون على دعم هذه المشاركة وتوسيع دائرتها، تمهيداً لبيئة عادلة تُصبح فيها المساواة ليست ذات أهمية، ولا أمنية مؤجلة.
المرأة الليبية لا تحتاج فقط إلى قوانين تنصّ على المساواة، بل إلى فضاءات تسمح لها بأن تُشارك، وتُسمع، وتُبدع، في وطن يتسع للجميع.