الرئيسيةالراي

رأي- المذاهب أسباب.. وللرؤساء مكاسب!

* كتب/ يوسف أبوراوي،

أكبر جريمة يمكن أن ترتكبها في حق نفسك أن تعتنق مذهبا أو رأيا أو حزبا أو شيخا أو تيارا أو زعيما، كحزمة واحدة، بحيث تلغي عقلك وتسير وراءه مسلوب الرأي والإرادة، إنك هكذا تخون أمانة الله وتتحول إلى مجرد مادة استعمالية يمكن تسخيرها لما يريده السادة والزعماء.

حتى الدين كدين أصله الايمان إلا أن المطلوب منك الإيمان به مجموعة مبادئ قليلة جدا، عرفناها كأركان للإيمان والإسلام صغارا، وهي بالمناسبة ليست مذهبا لأحد بل هي الدين، وباقي المسائل الاجتهادية هي التي تكون المذاهب والآراء، والخلاف فيها ليس منكرا ولا مستغربا بل غالبا هو مطلوب.

فلا يقال أن إقامة الصلاة أو الزكاة أو الصوم مذهبا للشيعة أو السنة أو الخوارج.

ولا يقال أن الإيمان بالملائكة أو اليوم الآخر هو مذهب الأشاعرة أو المعتزلة أو أهل الحديث.

تلك هي أصول الإسلام التي لا يسع مخالفتها، وكل ما اختلف فيه من فروع الاعتقاد والفقه سائغ جدا الاختلاف فيه، وإن هاجم أهل كل مذهب باقي المذاهب وظن أنه على الحق، وتلك من الأوهام الشائعة، ومن الغباءات التي تروج اليوم عند العامة أن الخلاف ممكن في الفقه ولكنه غير ممكن في العقيدة، والحق أن فروع العقائد والأحكام مازال الناس يختلفون في فهمها من أيام الصحابة إلى اليوم.

بل حتى داخل المذهب أو المدرسة سنجد اختلافات ومدارس وعقول تتفاعل وتختلف وتتلاقح على مر العصور.

فلن يضرك أبدا أن تتبع مذهبا في بعض الفروع وتتبع الآخر في غيرها، بل الواجب عليك البحث عن الحق من الكل، وإن لم تكن مؤهلا لذلك فعلى الأقل أن تعرف هذا المبدأ ولا تجعل نفسك أسير رأي تظن أن مخالفه قد خالف الدين والإسلام، بل كل يؤخذ منه ويرد، وكل على هدى وكل يريد الله.

لا أدري كيف تغيب المبادئ والأساسيات عن شرائح واسعة من العقلاء في زحمة التعصبات والتحيزات وصناعة القطعان التي يتم توظيفها على يد الجهال والعملاء.

أتذكر هنا قولة أبي العلاء راصدا هذه الظاهرة القديمة، ملمحا إلى أن أكثر الاختلافات والمذاهب سياسية تاريخية ألبست لباس الدين:

إِنَّما هَذِهِ المَذاهِبُ أَسبا… بٌ لِجَذبِ الدُنيا إِلى الرُؤَساءِ

إقرأ للكاتب أيضا: 

رأي- تدريس العلوم باللغة العربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى