
* كتب/ خالد الجربوعي،
أن تطالب بإنقاذ ليبيا مما وصلت إليه هذا حقك.. أن تطالب بإخراج كل أجنبي من البلاد هذا حقك.. أن تطالب بإعادة السيادة للوطن ومنع كل التدخلات الخارجية هذا حقك.. أن تطالب بتحسين الخدمات والأوضاع العامة لك ولكل الليبيين هذا حقك.. أنك تطالب بإسقاط أي سلطة مهما كانت ومهما كان موقعها هذا حقك.. أن تطالب ببناء جيش حقيقي وشرطة فعلية نظامية بكل معنى الكلمة للدفاع عن الوطن ولنشر الأمن والأمان لكل مواطن هذا حقك..
أن تطالب بإنهاء الجماعات المسلحة وجمع السلاح في كل البلاد هذا حقك.. أنك تطالب بمحاسبة كل من أجرم في حق البلاد والعباد في أي عهد كان هذا حقك.. أن تطالب بإبعاد الفاسدين عن مواقع السلطة مهما كانت أسماؤهم ومواقعهم هذا حقك.. يعني من حقك أن تطالب بكل ما تريد من أجل الوطن والمواطن وحتى من أجل نفسك شخصيا، لعيش حياة كريمة مرفهة تتمتع فيها بكل حقوقك.
لكن، أن تبقى لا مطالب لديك ألا التطبيل للأفراد والمطالبة بوصولهم إلى السلطة أو إعادة أنظمة انتهت وذهبت إلى التاريخ، وغيرها مما يدور في فلك أشخاص وعائلات، تريد لهم الحكم، وتملك البلاد وتوريثها كأنها حكرا عليهم أمواتا وأحياء، ولا يبقى لديك إلا ما فعل هذا أو ذاك ماضيا أو حاضرا، وغيرها من دوران في جلباب أفراد أيا كانت أسماؤهم، فهذا لن يفيدك ولن يفيد الوطن أو يساهم في إنقاذه أو تقدمه.. لأن من تطبل لهم أو تطالب بوصولهم إلى السلطة لأنهم أبناء فلان أو أنهم فعلوا كذا وكذا يوما، والذين إن وصلوا للسلطة فإنك ستكون آخر همهم، ولن تطمع أن يقدموا لك ولا للبلاد ما يتمناه ويسعى له كل مواطن يهمه الوطن قبل كل شيء..
وذلك لا يقدم إلا مزيد القهر والإذلال والعبودية، لأنك لا تستطيع الخروج من عبودية الفرد وتقديسه، واعتباره لا مثيل له، ولا مكان للوطن بدونه، وهو قمة السلبية والخطأ بعينه ..
فمن ذهب وانتهى أصبح من الماضي، ولا يمكن أن يعود كما تطلب وتتمنى، فالتاريخ لا يعود إلى الوراء..
ومن يريد أن يكرر تجربة الماضي بنفس الوسائل، ولو بأسماء وشخوص جديدة، فهو واهم، ولا يقدم نفسه إلا على حساب الأبواق، وعبيد للأفراد على حساب البلاد والعباد.
فاتركوا كل ذلك واجعلوا وطنكم أكبر من كل الأفراد، وقبل كل الأسماء، وأهم من كل الشخوص؛ لأنه هو الهدف وهو الغاية، وهو من سيبقى في نهاية المطاف.. لأن كل الأفراد وكل الأسماء ستذهب يوما، وتنتهي طال الزمن أو قصر، وستبقى الأفعال والأقوال والمواقف هي الخالدة.. وكلا سيترك لأبنائه مثل هذه الأمور التي تجعلهم يفخرون به، وبالانتساب إلى أصحابها، أو يخجلون منها ويخجلون من ذكر أسماء أهاليهم؛ لأنهم لم يتركوا لهم ما يفخرون به إلا تقديس الأفراد والتطبيل لهم طيلة الوقت، وفي جل مراحل أعمارهم..



