الرئيسيةالرايثقافة

رأي- الكَرْتَنَة.. استدعاء الطفولة

* كتب/ عبدالوهاب الحداد،

في الأيام الماضية، تعرضت مواقع التواصل الاجتماعي لاجتياح تحويل الصور الشخصية إلى كرتون!

فجأة، وجدتَ نفسك محاطًا بصور أصدقائك وكأنهم أبطال في مسلسل رسوم متحركة من زمن الطفولة. بعضهم تحول إلى شخصيات ديزني، وآخرون أقرب إلى توم وجيري بعد مطاردة طويلة.

الملفت في الظاهرة ليس فقط الحماس الجماعي، بل الدافع العميق خلفها، إنه الطفل الصغير القابع داخل كل شخص منّا. نعم، ذلك الطفل – من جيلنا – الذي كان ينتظر فقرة الرسوم المتحركة عشية كل يوم، حين يخرج رأس أخته الصغيرة من باب المنزل مناديا: الرسومتحركة بددددت.

ذلك الطفل قفز اليوم فجأة بلسانه صائحًا: الرسومتحركة بددددددت. وهكذا، وجد الكبار أنفسهم يخضعون لمتطلبات الطفل الداخلي ويحوّلون صورهم إلى كرتونية بسعادة طفولية.

في الجانب الآخر من المعركة، ظهر الفريق البالغ الراشد العاقل، صائحا في وجوهنا: “ساد م التفاهة!” جلس ذاك الفريق يراقب موجة “الكرتنة” بوجه متجهم، كأنه لجنة تحكيم صارمة في مهرجان للأفلام التراجيدية، بعضهم شعر بالاشمئزاز، وآخرون تنهدوا بحسرة وكأنهم يتأملون مستقبل البشرية الضائع. ولا تبدو المشكلة في التطبيق، بل في الفريق العاقل جدا، حيث خنقوا الطفل القابع داخلهم، وما إن حاول إخراج رأسه ليعلن بداية الرسوم، حتى صفعوه على وجهه فعاد منهزما إلى الداخل باكيا.

المفارقة أن موجة الصور الكرتونية جاءت قبل العيد مباشرة، وكأنها دعوة جماعية لنفض غبار الجدّية عن أرواحنا. لماذا لا نلعب قليلاً؟ لماذا نأخذ كل شيء بجدية قاتلة؟ أما كفانا ما نحن فيه؟ إذا كان بإمكان التكنولوجيا أن تعيدنا للحظات من البراءة والضحك، فلماذا لا نترك الطفل الذي بداخلنا ينطلق، ولو بصورة كرتونية واحدة فقط؟ بعد إذنكم طبعًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى