* كتب/ خالد الجربوعي،
في بعض الأحيان عندما تتم إقالة أحدهم أو إبعاده من منصبه فإنه يخرج من الباب الكبير بقبوله للأمر بكل يسر، ودون مكابرة أو تعقيد، بل يسهل الأمر على من يأتي بعده ويسلمه الأمر بكل رضا وامتنان..
فيما يحدث كثيرا أن يخرج آخرون ويسقطون من أضيق الأبواب وأقلها قيمة ومعنى، بسبب التعنت ومحاولة التشبث بهذا الكرسي لأطول فترة ممكنة ولو على حساب البلاد والعباد، من أجل مصالح شخصية ضيقة.. بل يتحول إلى عدو ليس لمن أسقطه أو حل مكانه، بل لكل أبناء الشعب، ويعمل على محاولة قفل كل الأبواب، بل ومحاولة الاستعانة بالآخر من أجل البقاء، ظنا منه أنه لا بديل لهم عنه..
وأعتقد أن “الصديق الكبير” وصاحب بيت المال المسقط مؤخرا خير دليل على ذلك، فلقد خرج وأسقط من أضيق الأبواب وأكثرها عارا وسلبية، بسبب أفعاله ومواقفه، سواء عندما كان في منصبه أو عند إسقاطه وإخراجه من المشهد، الذي ظن أنه ملك له لا ينبغي إبعاده عنه أو إخراجه منه حتى آخر العمر..
ولعل ما كان من تصريحات ومواقف عقب إقالته وهروبه إلى خارج البلاد من محاولة الاستعانة بالأجنبي للعودة إلى كرسيه إلى العمل على عرقلة أعمال المصرف المركزي بكل الطرق، والطلب من مصارف العالم الأخرى عدم التعامل مع المركزي الليبي.. إضافة إلى إصراره على أنه سيعود قريبا لموقعه مهما فعل من أبعده عن موقعه، وغيرها الكثير، خير دليل على أن هذا الإنسان كل ما يهمه مصلحته الشخصية ولو على حساب الوطن والمواطن.. إضافة إلى أنه قد يكون يخشى أن من سيأتي بعده -خاصة إن كان من غير رفاقه السابقين- قد يكشف الكثير من أفعال وأعمال قام بها أثناء سيطرته على المركزي تخالف القانون وتتطلب المحاسبة والقضاء..
فرغم سيطرته وبشكل منفرد على المصرف المركزي لأكثر من ثلاثة عشر عاما، همش فيها مجلس الإدارة المفترض أن يكون هو صاحب القرارات بشكل جماعي، ورغم تعامله مع الآخرين من رؤساء حكومات وغيرهم حسب مواقفه الشخصية والسياسية منهم، فمن رضى عنه منحه ما يطلبه ولو مخالفة للقوانين وعلى حساب البلاد والعباد، ومن خاصمه رفض منحه حتى ما هو حق، ولو كان يسبب مزيد المعاناة للوطن والمواطن، بل حتى خارجيا منح القروض والهبات لدول أخرى دون الرجوع إلى الجهات المعنية والمختصة بمثل هذه الأمور حتي ينال عند تلك الدول الرضا، ويتحصل على دعمها، ظنا منه أنها ستبقيه في موقعه حتى آخر العمر، دون أن ننسى لقاءاته المتواصلة مع السفراء الأجانب ومبعوثي الدول الأخرى، خاصة الدول الكبرى، حتى كاد أن يتحول إلى وزير خارجية لا محافظ مصرف مركزي..
وفي المقابل أقفل أبوابه على الليبيين، ورفض مقابلة الكثير منهم من كل الفئات والمسؤولين، وفي مقدمتهم الصحفيين الليبيين إلا عند الحاجة، فرغم كل هذه الأفعال لم يتعلم الدرس ويترك المكان بهدوء، لعل ذلك ينسى أو يجعل الآخرين يتناسون أفعاله، فأصر على مواصلة دوره في عرقلة المسار وتغيير الأحوال حتى آخر لحظة بكل ما يستطيع..
هذا قليل من كثير، مما فعله المحافظ المعزول، الذي لم يكن محافظا على ما منح له من أمانة، وعمل على استغلال موقعه إلى أقصى حد، ولكن نهايته كانت السقوط والخروج من أصغر وأضيق الأبواب..
لذلك؛ لن ينسى له التاريخ ولا الليبيون هذه الأفعال، خاصة ما حاول فعله بعد الإقالة والهروب إلى خارج البلاد، من محاولة عرقلة المسار وقفل الأبواب أمام من جاء بعده.
وهذا درس لمن لا يتعلم ولا يقرأ التاريخ، ويعرف أن لا أحد يدوم ولا يبقى عندما تهب رياح التغيير ويصبح وجوده لا قيمة ولا مكان له، مهما كان اسمه ودوره.. والأمثلة كثيرة، خاصة في السنوات الأخيرة، فهل يتعلم الآخرون هذا الأمر؟ ويعملون على الخروج من الأبواب الكبيرة التي تحفظ لهم قيمتهم ومكانتهم حتى وهم خارج مواقعهم، أم أن السقوط والخروج من الأبواب الصغيرة قدرهم، نتيجة مكابرتهم وتعنتهم وحبهم للسلطة والكرسي مهما كان الثمن؟..
للكاتب أيضا: