الرئيسيةالراي

رأي- الصحافة الليبية بين الحرية والتبعية

* كتب/ خالد الجربوعي،

مشكلة الصحفيين الليبيين أو جلهم للأسف أنهم لم يفرقوا بعد بين الصحافة الحرة وصحافة الدولة والتبعية، لهذا مازالوا ينتظرون ما تجود به عليهم السلطة من أفكار وقرارات جلها لا يتجاوز المكان الذي قيلت فيه، أو الورق الذي كتبت عليه.. لهذا لم يخرجوا بعد مما كانوا يعيشونه قبل 2011 رغم كل الادعاء بحرية الصحافة وإن جزءا من انتفاضتهم على القذافي كانت من أجل حرية الرأي والتعبير..

فباستثناء الثلاث سنوات الأولى التي يمكن القول إنها شهدت نوعا ما حرية حقيقية للصحافة بشكل غير مسبوق، وهنا أتحدث خاصة عن الصحافة المكتوبة، ومن بينها الصحف الصادرة عن المؤسسات الرسمية، والتي شهدت طفرة نوعية في حرية الرأي والتعبير، لم تطل كثيرا بكل أسف لتعود ربما كما كانت أو أسوأ بعد ذلك وحتى اليوم تقريبا، وهنا أتكلم عن تجربة شخصية وليس مجرد متابع فقط، لكن بعد ذلك عاد كل شيء كما كان..

أصبح وجود الصحف بليبيا مثل عدمه. لا مكان لها في المشهد الإعلامي في البلاد تقريبا

دون أن ننسى التوقف عن الصدور وتكليف من لا علاقة لهم بهذه المهنة لإدارة صحفها ومؤسساتها في فترة من الفترات، مما تسبب في توقفها عن الصدور إلا نادرا، خاصة ما بين 2014 إلى 2019.. أو إعادتها إلى من كان يديرها بعقلية النظام الجماهيري والرأي الواحد من جديد، وهو ما أنهى كل حق في الحرية والتعبير، فأصبحت الصحف وجودها مثل عدمها، لا مكان لها في المشهد الإعلامي في البلاد تقريبا، ليعود كلا إلى موقعه في خدمة السلطة وانتظار ما تجود به لتكون صحافة تابعة لا رابعة.. وهو ما يجعلنا نتساءل لماذا إذن حدث ما حدث في 2011، وما دفع من ثمن لا يقدر، إذا كانت النهاية ستعود بكل شيء إلى المربع الأول بل وأسوأ مما كان، لتسقط حرية الرأي والتعبير وبأيدي من يفترض أنهم أصحاب المهنة أنفسهم، خاصة من هم في القطاع العام ولا زلوا لم يخرجوا من جلباب السلطة والعمل من أجلها ولصالحها لا غير.

وما حدث فيما سمى باحتفالية اليوم العالمي لحرية الصحافة في إحدى السنوات، والذي أقيم برعاية السلطة ومن أجل الدعاية لها، بل وبحضور جله ممن لا علاقة لهم لا بصحافة ولا مهنة، فقط أشخاص لا يعرف أكثرهم ما علاقتهم بالأمر، وما جذبهم إلا وجود أصحاب السلطة، فأرادوا أن يكون لهم مكان كما العادة في مثل هذه الحالات.. ولنجد بعضا من الصحافيين ينتظرون ما تقرره لهم السلطة حتى في أبسط حقوقهم التي يجب أن يكونوا هم من يقررها ويفرضها على الآخرين لا العكس..

إن التراجع الكبير الذي شهدته الصحافة الليبية في السنوات الأخيرة أسقط كل المحاولات الأولى التي قدمت لإنجاح هذا التغيير، لتعود صحافة تابعة بامتياز لا سلطة رابعة لها كلمتها ومكانتها في المشهد العام.. وأحد أهم أسباب ذلك هم أصحاب المهنة أنفسهم، الذين غلبت صراعاتهم الخاصة من أجل كرسي أو من أجل فرض رأي أو في سبيل تحقيق مصالح شخصية على حساب المهنة، فسمحوا للدخلاء بقيادتهم، وأصبحوا يطلبون ودهم، ومنهم من رضي لنفسه أن يكون موظفا لا صحفيا مهنيا، المهم أن لا تسقط امتيازاته ولا يقترب أحد مما يناله من مقابل حتى لو كان زهيدا.. أم من هو الصحفي فعلا فذلك أمر آخر، لا يريد أحد الخوض فيه او وضع أسس له؛ لأنه حينها سيسقط الكثيرون ويخرجون من عباءة هذه المهنة التي يدعونها، ويعملون على تحويلها إلى وسيلة لخدمة مصالحهم ومصالح من يقودهم وفي مقدمتهم اصحاب السلطة..

لهذا لا قيمة ولا معنى لأي احتفال بيوم يعبر عن حرية الرأي في دولة صحافتها اليوم في آخر التراتيب الدولية لهذه الحرية، موشحة بالسواد دليل على غياب كل حرية ورأي ومهنية حقيقية صحافة تابعة لا سلطة رابعة كما يفترض.

للكاتب أيضا: 

رأي- الشبكة الكهربائية من طرح الأحمال إلى كثرة الأعطال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى