الرئيسيةالراي

رأي- الرصاص لا ينطق إلا موتا

* كتب/ مفتاح اسويب،

منذ 2011، وليبيا (شرقا وغربا وجنوبا) عالقة في حلقة مفرغة… ننتظر قيام دولة، فنتفاجأ كل يوم بإنتاج ميليشيا، ننتظر الانتخابات، فلا نسمع الا عزف الرصاص، نحلم بالاستقرار والدستور، الاختراقات الأمنية المفتعلة تقطَع طريقهما.

جيلٌ بأكمله كَبُر في زمن الارتباك هذا، وصار يحفظ أسماء “الكتائب” أكثر من أسماء الكتب. الميليشيات ليست حلاً، بل سرطان ينخر في عظام الدولة. لا دولة تُبنى والسلاح خارج مؤسساتها، ولا استقرار يُكتب في ظل “تحالفات مسلحة” تُدار بالتليفون من (قعدة قهوة).

تشجيع الميليشيات تحت أي ذريعة، هو إطالة لعمر الفوضى، وتأجيل متواصل للحظة بناء وطن.

الميليشيات –تلك الدول الصغيرة داخل الدولة– باتت خطوطًا حمراء في خريطةٍ لا لون فيها للوطن. تأكل من جسد البلاد باسم الحماية، وتفتك بها باسم هيبة فلان وسيادة علاّن.

إن تشجيعك للميليشيات، هو كمن يرش على النيران زيتًا، ثم يتساءل: لماذا لا تنطفئ؟ أما آن لهذا الوطن أن يخلع عنه “عمامة الفوضى”؟ أما آن أن نكتب سيرتنا لا بلون الدم، بل بلغة الدستور؟ أما آن لنا أن نغير نظرة العالم لنا؟ التجارب كثيرة رغم أن لكل منها خصوصيتها ولنا خصوصيتنا: جنوب أفريقيا… تفكك النظام العنصري، لا بالرصاص، بل بالعقل والعدالة. تشيلي انتقلت من حكم الدبابة إلى حكم الصندوق. كولومبيا نزعت سلاح المتمردين باتفاقات مدروسة وشجاعة. أما نحن، فلا زلنا نعيد تشغيل نفس “الشريط المُعطّل”، بأصوات صاخبة ومرتفعة، وشعارات فارغة، ومصالح ضيقة. صديق الأمس عدو اليوم، وغداً قد يتحالفان من جديد… (سياسة لعبة الكراسي وتبادل الأدوار بلا مبادئ) المهم إطالة أمد الفوضى.

الحلّ؟ تنفيذ هذه الاستراتيجيات: تجفيف منابع السلاح غير الشرعي، لا احتضانها. بناء جيش عقيدته لله تم الوطن، لا (المنطقة والراية) -عدالة انتقالية تُصافح ولا تُصْفِّي، وتُحاسب لا تحقِد، تكافؤ الفرص بدلا من الفساد.

أيها الليبيون، لا تُصفّقوا لمن يحمل السلاح باسمكم، فالرصاص لا ينطق إلا موتًا، ولا يبني إلا أطلالًا. الوطن للجميع ليس غنيمة حرب، بل أمانة في عنق الجميع…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى