خلاصة القول- الدستور المقترح
كتب/ سليمان البيوضي
بعد قراءة متأنية لمشروع الدستور المقترح، ازدادت قناعتي بأن هذا الدستور سيكون أساسا لتفتيت الكيان الوطني، وسيعزز فرص الصدام المسلح الدامي، وسيضيف لأزمتنا المعقدة أزمات جديدة أهمها الحدود الإدارية للأقاليم والمحافظات ووحدات الحكم المحلي، وسيلجأ الجميع لرسمها بالدم، مع تصاعد مطرد لمطلبية الحقوق والتي قد تسبب نشوء أقاليم للحكم الذاتي، و يمكن تسميته بدستور المغالبة والمركزية.
إن محاولة الاقتراب من هذا المشروع تبين لأي مدى تعيش ليبيا حالة من الصراعات الكامنة، وأن أي استعجال أو تأجيل أو ترحيل لحلها، سيجعل من ليبيا كرة ملتهبة تقذف حممها في كامل إقليم المتوسط، وبالتالي فإن تفكيك الأزمة والاعتكاف على حلها، هو الخطوة الأولى باتجاه الحل الدائم، إن تكوين أي قناعة بقبول هذا المشروع أو رفضه سيكون من باب الديكتاتورية والتشبث بالرأي، لذا من الأجدى أن نتفق الآن على الحق بقيام الدولة الوطنية، والتي تجمع أبناء الأمة الليبية وتعمل على تعزيز هويتهم وانتمائهم للتراب الوطني وقناعتهم بوصول حقوقهم، هو الخيار الاستراتيجي الذي يجب أن ندعمه جميعا، لبناء دولة آمنة مستقرة تحظى بتنمية مستدامة .
لايمكن القول بأن كل ما في الدستور المقترح ليس جيدا أو العكس، لكن الواجب يحتم النصيحة والاجتهاد من أجل وضع دستور توافقي مرضي للجميع، فالمرور لمرحلة دائمة بدستور المغالبة هو إعلان انهيار الدولة ككيان وتفتيتها، إذ لا زال ممكننا تعديل أو إضافة النصوص فيه على نحو يرضي الجميع، وسيبقى مهما الإشارة أن تقديم التنازلات، مبدأ يجب أن يحتكم له الجميع .
ويجب أن نذكر جميعا أن الإعلان الدستوري المؤقت والذي وضع على عجل ورطنا في أزمات مركبة، أخطرها انتهاء الكيان الوطني الليبي وزواله، فما بالكم بدستور دائم يمكن بسهولة تفسير نصوصه على مبدأ المغالبة والحسابات السياسية والأمنية لدى السلطة المركزية .
حل الإشكال الدستوري:
الذهاب للملتقى الليبي وعقد اجتماع علني ومفتوح لكل أعضاء الهيئة التأسيسية وإشراك المكونات الثقافية والتكتل الفيدرالي بشكل مباشر داخله لطرح الإشكاليات وتقديم الحلول والوصول لتوافقات دستورية، قد تسمح باعتماده كأساس لإصدار وثيقة التوافقات الاجتماعية والسياسية، إن فشل الاتفاق يعلن المشاركون في الملتقى الليبي العودة لتعديل لجنة فبراير 2014 كوثيقة دستورية لمرحلة انتقالية ونهائية أخيرة مدتها 18 شهرا وفقا لما نصت عليه، مع انتخاب مباشر لرئيس الدولة، و يعتمد مجلس النواب القانون السابق للانتخابات مع إضافة قانون خاص بانتخاب الرئيس، في أول اجتماع لمجلس النواب الجديد يتم حل الهيئة التأسيسية وخلال 30 يوما يتم تعيين هيئة لصياغة الدستور وفقا للأقاليم الثلاث، وأن تحدد معايير للاختيار بقانون، تنهي مهمتها خلال 120 يوما، وإن فشلت يتم الاستفتاء على دستور 51 و 63 مع تعديل ما يخص الملكية، وفي كل الأحوال يجب تضمين الاتفاق الاقتصادي الليبي المبني على الحقوق الأربعة وفق الآليات الليبية في الدستور .
ووجب القول والتذكير بأن من تحدثت معهم أو التقيتهم في هذا الملف، ليس بالضرورة الاتفاق معهم في مدرستهم الفكرية، إلا أن الدستور كقيمة وعقد يحتاج أن نقدم التنازلات من أجله .