
* كتب/ خالد الجربوعي،
عندما تشاهد الدراما الخارجية بكل أشكالها وأنواعها ومنها التاريخية عربية أو إقليمية وحتى عالمية وتقارنها بما يسمى دراما ليبية، وفي مقدمتها الدراما التاريخية ماضيا وحاضرا، تشعر كأنك تقارن بين دوري أبطال أوروبا ودوري إحدى البلدان العربية ومدى الفرق بينهما..
فالأولى تجعلك تعيش التاريخ بتفاصيله وعصره شكلا وكلاما ولبسا ومكانا إلى حد كبير، حتى إنك قد تنسى العصر الذي تعيشه أحيانا.. والثانية لا تعرف لها زمانا ولا مكانا ولا عصرا، شكلا وكلاما ولبسا.. فلا هي تقربك من تاريخ المرحلة المقصودة، ولا تعيشك العصر الذي تنتمي إليه.. وما فيش حد يقول محاولات وبداية وغيرها من كلام عاطفي شبعنا منه في كل المجالات.. فنحن اليوم في العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين، وفي زمان تجاوزت فيه الدراما كل البدايات والتجارب، حتى يمكن أن نجد العذر بحجة تجارب وبداية طريق وغيرها.. لأن الفضاء المفتوح للقنوات يقدم مقارنة بعيدة كليا فيما بينها، وليس الأمر مجرد ملء ساعات بث للقنوات باسم دراما تاريخية أو حتى غيرها مازالت خارج الزمان والمكان حتى مقارنة مع أقرب الدول لنا.. والتي يمكن القول إنها بدأت معنا إن لم تكون متأخرة عنا، وهنا طبعا لا أقصد دولا مثل مصر وسوريا ولبنان فتلك قصة اخرى.. فقط مجرد مقارنة مع الدراما الخليجية والأردنية والتونسية وحتى السعودية، والتي يمكن القول إنها دخلت على المجال مؤخرا، وأصبحت تقدم ما يشد المشاهد، ومنذ سنوات بكل أنواع الدراما.. فيما نحن مازلنا نصف ما نقدمه بالتجربة والجديد وغيرها من كلام تجاوزه الزمن.. وهذا الأمر ذاته يكاد يتكرر في جل المجالات، والأمر ذاته يمكن اعتماده في مجال الدراما الليبية البعيدة عن المنافسة والحضور كليا حتى اليوم.. وإن كنت لا أنسى أنها يوما كانت تسير على الطريق بكل قوة، خاصة حتى منتصف ثمانيات القرن الماضي، فتلك الفترة وما قبلها يمكن اعتبارها مرحلة النجاح والسطوع الفني حقا..
أما ماجاء بعدها فحدث ولا حرج، مجرد هرطقات وادعاءات لا علاقة لها بدراما ولا فن ولا هم يحزنون، لتبقى مجرد محاولات كما يصفها كل من يدافع عنها بقوة ..حتى إنها وفي سنوات ماضية أصبحت تشعرك أن الممثل نفسه يمثل على نفسه، وعلى من يشاركه العمل قبل التمثيل على الآخرين من مشاهدين وغيرهم.. فلا يشعرك بتقمص أدوار ولا حبكة درامية ولا حوار منطقي، ولا حتى علاقة بالواقع المعاش المفترض أنه يتناوله من خلال هذه الأعمال الوهمية التي آخر ما يمكن أن نطلق عليها أنها دراما وفن أصلا.. فهي مجرد محاولات لتقليد الآخرين وتصنّع في العمل لا يشعرك بأي معنى ولا قيمة لتمثيل ولا ممثلين.. بل حتى أسماء المدن والمناطق تكاد تكون ممنوعة في يوم من الأيام فتجد كل التسميات تبنى على المجهول..
طبعا دون ننسى غياب القصة المكتملة والتي يمكن الاعتماد عليها لتكون مناسبة لصناعة دراما حقيقية، وسيناريو قوي يقدم القصة بالشكل المناسب، دون أن ننسى الإخراج الضعيف جدا، أما المونتاج فحدث ولا حرج.. وهو ما يعنى أن الممثل ليس لوحده المسؤول عن الضعف الدرامي المحلي، لكنه يبقى المحور الأساس في كل ذلك، خاصة عندما تتم الاستعانة بشخوص وأفراد لا علاقة لهم لا بتمثيل ولا موهبة، لديهم فقط علاقات شخصية، أو لغياب المواهب الحقيقية خاصة في العنصر النسائي.
وهذا الكلام لا يعني أنه لا يوجد ممثلين لهم المقدرة والموهبة فعلا، ولكن ليس بذلك القدر والعدد الكافي، وخاصة وأكررها مرة أخرى في العنصر النسائي، حتى أصبح يتم الاستعانة بالكثير منهن دون أي موهبة أو علاقة بالمجال الفني، فقط مجرد صراخ وتعابير خارجة عن النص، ولا علاقة لها لا بتمثيل ولا دراما إلا التمثيل على النفس والمشاهدين إن كان هناك مشاهدين أصلا..
يضاف إلى ذلك أنه وفي ظل عدم مقدرة القنوات العامة والرسمية على تقديم برامج ومسلسلات جديدة تكون قادرة على المنافسة، وسط العدد الهائل من الفضائيات الليبية الاسم خارجية التمويل، وغيرها من قنوات عربية، أعتقد أن إعادة العديد من البرامج والأعمال الدرامية والمسرحية القديمة خاصة لقناة الوطنية صاحبة الإرشيف الكبير، مثل مسلسلات الهاربة.. مقادير.. المنحرفون.. السوس، فندق البخلاء وغيرها مسلسلات قديمة.
أيضا مسرحيات مثل الخنافس.. بيت العيلة.. نوارة.. والكثير من الأعمال المنفذة في ثمانيات القرن الماضي، وما قبلها عندما كانت الدراما دراما فعلا، ويمكن أن تدخل المنافسة لو استمرت على ذلك المنوال، قبل أن تتحول إلى تمثيل داخل تمثيل، وصراع لإثبات السلطة والسيطرة للمشاركين فيها بطريقة فجة، لا دراما ولا فن فيها، والتي جعلت الكثير منها بعد ذلك تخرج عن المسار، وتتحول لدعاية وأعمال لا معيار لها ولا قيمة، وإن كان الأمر ليس هنا المجال لتقييمها لكن إعادة أعمال ما قبل الثمانيات سيكون خطوة ناجحة لتعريف الكثير ممن لم يعيشوا تلك المرحلة بأعمال ليبية وفنانين ليبيين كانوا يوما، يمكن أن يكون لهم مكان إضافة إلى بعض الأعمال المشتركة عربيا، مثل الأمانة وغيرها، فهل نشاهد ذلك أم هناك فيتو، أو أنها أصبحت لا وجود لها بإرشيف القناة؟