* كتب/ أنس أبوشعالة،
العقل لُغة يدل على الحبس والإمساك، وكانت العرب تقول عقلت البعير، وأمسكت بالعقال أي حُبست ومنعت من الحركة، ولذلك يقال أن العقل سمي بالعقل كونه يمنع و يحبس الإنسان من المهالك والمخاطر.
العقلية مصطلح يعني طريقة التفكير، بمعنى أن وجود العقل دون معلومات لا يعني شيئاً، ووجود العقل وإن كان ممتلئا بالمعلومات دون توافر العقلية فإن ذلك لا يعني شيئا، بل إنني أعتقد أن العقل الفارغ أقل ضرراً من العقل الممتلئ بالمعلومات دون توافر العقلية.
تحليلك للأشياء وفهمك وإدراكك، قدرتك على القياس وضرب المثل بمثله، والتمييز بين الفوارق، والتدبر والتبصر، وإنتاج الأفكار من خلال عملية إنتاجية ذهنية تتكون في العقل من مواد خام تتمثل في التجارب والمعلومات، وينتج عن هذه العملية أفكار تُعطي للعقل وظيفته التي خلقها الله لأجلها، التفكر والتدبر والعمل بمقتضى ذلك.
نحتفي بطفل في العاشرة من عمره وقد منّ الله عليه بحفظ القرآن، ورغم عظيم الإنجاز، إلا أن الاهتمام بهذا الطفل لتطوير عقليته وطرائق تفكيره وتحليله للأشياء مستعيناً بكلام الله ومعانيها ومقاصدها أهم وأعظم من مجرد حفظها دون وعيها، فالعبرة ليست في تخزين المعلومة وإنما في إعمالها وتفسيرها وتأويلها وتحليلها وخلق الأفكار من تلك المعلومة، وهنا تكمن العقلية وأهميتها .
أمثلة معروفة تترجم بعض أنواع العقليات، منها المثل القائل رزق حكومة ربي يدومه، ومثل آخر يقول أخطى راسي قص، و مثل يقول إن شاء الله تخلى وتنبت فيها نخلة، واللي قاعد في الدار يخلص الكري، ما ادير خير ما يجيك شر، نلحس امسني ونبات متهني،، وغيرها من الأمثلة الشعبية الموروثة التي تترجم عقليات الجهل والكسل والاتكالية والأنانية وانعدام القدرة على الإنتاجية والتنمية والديمومة في العطاء والنماء جيلاً بعد جيل.
ختاماً، وللتأكيد أن العقلية هي أساس الاستجابة الربانية لرغبة الإنسان في التطور والتقدم والتحضر، ولتحقق الإرادة الإلهية الداعمة والمؤازرة لإرادة التغيير فإني أستحضر قول الحق سبحانه و تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). صدق الله العظيم