* كتب/ عطية الأوجلي،
يذكر أحد المراسلين الغربيين.. أنه أثناء إقامته بالاتحاد السوفياتي لم يستطع أن يستوعب ما يجري حوله..
فقد كان الاختلاف كبيرا بين الحياة التي اعتادها في بلاده وبين ما يراه ويعايشه.. وانعكس ذلك على تقاريره وكتاباته وتوقعاته..
وكانت فترة حرجة في حياته المهنية قال عنها:
“أحسست بالعجز الكامل عن إدراك وفهم ما يجري حولي”..
حتى قيض الله لي الحديث مع استاذ جامعي روسي أشار لي ….
بأن الطريق لفهم ما يجري في الاتحاد السوفياتي هو إدراك أنه لا قيمة للتسميات ..
قال لي ..
لا تحكم على الأشياء بمسمياتها مثل ما يجري في بقية العالم ..
فالواعظ لدينا الذي “يمطرك” بمواعظه الأخلاقية قد يكون أكبر “المرتشين”..
والمحلل السياسي الذي “يدلق” عليك تحليلاته كل مساء ما هو إلا “مخبر وضيع” …
والجامعات ليست سوى مدارس مختلطة لتخريج “الموظفين” ..
والصحف ماهي إلا وسيلة “استرزاق” لمن لا يملكون سوى موهبة التملق.. وهكذا ..
إن أردت أن تفهمنا فلا “تستمع” لما نقول …
فلا حكومتنا حكومة.. ولا جيشنا جيش ..
ولا شرطتنا شرطة.. ولا كتابنا كتاب …
ولا حكماؤنا حكماء.”
يواصل الكاتب حديثه قائلاً… سألت محدثي ..
وكيف تستطيعون العيش وسط كل هذا الزيف؟ ….
رد قائلاً… بالتظاهر يا صديقي العزيز.. “بالتظاهر” …
الحكومة تتظاهر بأنها تمثل مصالحنا ..
ونحن نتظاهر بأننا نحبها …
هي تتظاهر بأنها تدفع رواتب لنا ..
ونحن نتظاهر بأننا نعمل …
نسرق ونتظاهر “بالأمانة” …
نكذب وندعي “الصدق” …
نتعصب ونبدي “الحكمة” …
هكذا هي الأمور لدينا …””.
لا أدري لماذا تذكرت هذه الحكاية… و لماذا تذكرتها الآن …؟
ربما لأن التظاهر ونكران الواقع صار “ضرورة” من ضرورات العيش في مجتمعات أدمنت الوهم والكذب.. ونخب وحكومات أدمنت “الفساد”… !!!