* كتب/ هشام الشلوي،
يتغافل المترجم والعلماني العربي عن ذكر السياقات التي نشأت في ظلها النظريات العلمية والإبستمولوجية، إذ إن المترجم العربي -وصنوه العلماني العربي- عندما يطرح نظرية علمية أو تيار ثقافي سواء أكان أيديولوجيا أم معرفيا، فإنه ينزع عنوة عن تلك النظريات السياق التاريخي الثقافي الاجتماعي الذي نشأت فيه تلك المعرفة، ويقدمها على أنها حل شامل وكلي للمشكلة التي تتعامل مع تلك النظرية العلمية أو الرؤية الثقافية.
حيث أن السياقات التي نشأت فيها تلك النظريات سواء أكانت علمية أو فكرية هي سياقات مسيحية، والمجتمع العلمي الذي صدّر هذه المعارف هو مجتمع مسيحي بشكل أو بآخر، فهو إما مجتمع يرفض النظرة المسيحية للكون وأصل نشأته وللإنسان ولمختلف علاقاته، أو مجتمع يسعى لصنع توافق بين رؤى المسيحية وبين المعارف الحديثة، أو مجتمع علمي يحاول الحفاظ على ما تبقى من المسيحية والمعرفة الحديثة من خلال فصل تصورات كل منهما للكون والإنسان، والادعاء بأن البحث عن المعنى والقيمة نجده في إجابات المسيحية، وأن البحث عن طبيعة العلاقات الكمية العلمية نجده في التجريب العلمي.
يمارس المترجم العربي والعلماني العربي كل تلك المعرفة، دون أن ينبه على السياق التاريخي والديني والثقافي الذي نشأت فيه تلك المعرفة، ويغمض عينيه متعمدا عن النظرية الإسلامية التي تستمد أصولها من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، أي أنه يقدم كل المذاهب القائلة بالتضارب والتكامل بين المعرفة والدين في السياق المسيحي الغربي، ولا يحاول الإشارة إلى الموقف الإسلامي من القضية المطروحة.
وعلى فرض أن التجربة الإسلامية قاصرة والتاريخ لا يسعفنا بتلك الردود، فإن الأصلين القرآني والنبوي يشرحان في نصوص مباشرة طبيعة تلك العلاقات وأصل النشأة وواجباتنا تجاه خالقنا وأنفسا والكون.
إقرأ للكاتب أيضا: