* كتب/ خالد الجربوعي،
كلما اقترب فصل الصيف وحرارته فقد الليبيون جزءا من أملاكهم العامة، التي تتحول وبقدرة قادر وفي وقت قصير ومحدود إلى أملاك خاصة، يتحكم فيها بعض من المستفيدين وأصحاب الحظوة كما يحلو لهم، ويصبح الوصول إليها من قبل عامة المواطنين بمقابل، قد لا يستطيع الكثير منهم توفيره، الأمر الذي يحرمه من الاستمتاع بجزء من أرضه وحقه وملكيته العامة، كما تقول القوانين التي يعاكسها الواقع تماما، ويقدم صورة مخالفة عما يوجد في الأوراق والقرارات.
إنه البحر وشواطئه التي يفترض أنها ملكية عامة من حق كل مواطن الاستمتاع بها والدخول إليها كما يشاء، ومتى يشاء، دون أن يمنعه أحد أو يفرض عليه أي إتاوات من أجل الوصول إليها.
إن ما يحدث على شواطئ البحر كل سنة أصبح أمرا معيبا في حق كل السلطات بكل فئاتها، من سلطات مركزية أو محلية ورقابية وغيرها، والتي كان عليها أن تمنع تحول هذه الشواطئ إلى ملكيات خاصة، حسب القانون المفترض أنه عمل من خلاله ووجدت لتطبيقه على أرض الواقع، لكنها تقاعست واعتبرت الأمر لا يعنيها، وحتى إن تحركت يوما لا يزيد الأمر عن حملة محدودة سرعان ما تنتهي دون أن تقدم جديدا أو تغير واقعا.
فالشواطئ أصبح يملكها أفراد بعينهم يتحكمون فيها وفي من يدخل إليها، بعد الحصول على مقابل ذلك بأرقام فلكية لا تجدها حتى في أفضل وأكبر شواطئ العالم.. فتحولت هذه الشواطئ إلى خيام وعشش وبناء وغيرها، في جلها لا منظر لها ولا شكلا ولا منظمة، فالمهم هو الحصول على الأموال، هذا من جهة السيطرة المؤقتة صيفا.. لأن هناك شواطئ ومصائف أصبحت ملكيتها خاصة طول العام، تلك التي غزتها الحجارة من خلال الاستراحات الخاصة والملكيات المحددة، دون أن يعرف من منحهم إياها إلا غياب الدولة وعدم تنفيذ القوانين التي تمنع البناء على شواطئ البحر لمسافة لا تقل عن 100م، لكن الواقع يخبرنا عكس ذلك تماما، فأصبح البناء يكاد يدخل حتى مياه البحر ولا يترك مترا واحدا، ليمنع المواطن من الدخول إلى هذه الشواطئ طيلة العام، ويصبح لا حق له فيما يفترض أنه من أملاكه العامة التي من حقه أن يتمتع بها متى شاء.
طبعا هذا لا يعني أن لا يمكن أن يستفيد البعض من موسم الصيف والعمل على توفير ما قد يحتاجه المصيف من خدمات وغيرها، لكن ذلك يجب أن يكون في إطار قوانين لا تمس بملكية الشواطئ، ولا تمنع من يريد الدخول إليها، فيصبح من حق بعضهم توفير احتياجات المترددين على المصائف لكن دون منعهم من دخولها أو السيطرة عليها أو تحويلها لملكية خاصة، يمنعون من يرفض الدفع ويسمحون لمن يدفع لهم فقط، وهذا أمر مخالف ولا تجده في جل مصائف العالم العامة، فالمقابل يجب أن يدفع نظير ما يقدم من خدمات ومعدات مختلفة لا أكثر، وليس مقابل الدخول الذي هو حق لكل مواطن، ولا أحد يمكنه منعه من الاستفادة من شواطئ بلاده، وهذا أمر موجود في جل دول العالم كما ذكرت، إلا لأماكن محددة ومحدودة تقام عليها المشاريع السياحية الكبرى، بإجراءات رسمية وقوانين منظمة وموجودة، لكن ما يحدث في ليبيا أن كل الشواطئ تتحول إلى ملكية خاصة بكل الطرق، من بناء وخيام وأسوار وغيرها، تحرم الشعب من التمتع ببحر بلاده الذي يفترض أنه يملكه، وتشوه المنظر العام بشكل لا مثيل له دون أن يجد من يحمي هذه الأملاك ويعيدها له فعلا، فمتى تتحرك الجهات المعنية بشكل عام دائم وتمنع تخصيص هذه الشواطئ؟ وتعيدها لإصحابها للتمتع بها والدخول إليها متى أردوا، دون أي موانع أو مقابل تجاوز كل حد، أم أن من أصبحوا يتحكمون في هذه المصائف أقوى من الدولة ومؤسساتها وأجهزتها المختلفة.
إقرأ للكاتب أيضا: