اقتصادالرئيسيةالراي

رأي- الاقتصاد والبطالة الظاهرة والمقنعة

* كتب/ وحيد عبدالله الجبو،

يعاني الاقتصاد الليبي منذ الزحف على المقاولين والتجار (تقريبًا) من مشكلة البطالة المقنعة في مؤسسات الدولة، بعد أن زاد عدد الموظفين بعشرات الأضعاف نتيجة إلغاء القطاع الخاص.

حاول النظام السابق أن يضع بعض الضوابط لحل المشكلة، فقام في عقد الثمانينات بتحديد حجم القوى العاملة في كل بلدية بنسبة معينة من حجم السكان، كما قام بإلغاء الإدارات العامة ووضع بدلها مكاتب، لكن هذا النظام لم يستقر، خاصة بعد محاولات نقل العاصمة إلى سرت.

بعد عام 2011، ضاعت البوصلة من القيادات الإدارية، فأصبحت الوظائف مفتوحة لكل من هب ودب، حتى وصلت المرتبات في عهد حكومة الوفاق نحو 20 مليار دينار في سنة 2020، مستحوذة على نصف الميزانية تقريبًا.

استمر هذا الحال وظل الباب مفتوحًا، بل و زاد اتساعًا، كما تزامن مع كارثة تخفيض قيمة الدينار بنسبة 70% ومطالبات رفع المرتبات، فارتفعت فاتورة المرتبات إلى نحو 60 مليار دينار، وبدون أي قيمة إنتاجية مضافة. هذا الارتفاع الكبير في فاتورة المرتبات لا يعني بالضرورة ارتفاع عدد الموظفين في الدولة إلى ثلاثة أمثاله، لكنه يعني بالتأكيد اتساع حجم الترضيات وخلق المزيد من البطالة المقنّعة، وأعتقد أن هذا الوضع معقد جدًا وليس من السهل معالجته في ظل الأوضاع البائسة التي تمر بها البلاد، إلا بإعادة النظر في هيكلة الجهاز الإداري وتشجيع المشروعات الزراعية والصناعية والخدمية وتطوير الموارد البشرية، واستغلال كل الإمكانيات الاقتصادية المتاحة، وطرحها للتنافسية في القطاع الخاص، ما عدا قطاع النفط الذي يبقى ملكا للدولة، إلى جانب مشاركة التكنوقراط في صنع القرار السياسي، ومحاربة الفساد الإداري والمالي.

وإذا ما استمرت الدولة بالشكل الحالي واستمر الشعب الليبي في دفع تكلفة مرتبات البطالة المقنعة من خزانته بمقابل إنتاجية صفر أو سالبة، فإن الصورة ستكون قاتمة للاقتصاد الليبي.

أما الحل فيبدأ من الخروج من الوضع البائس الحالي، باستقرار البلاد سياسيًا واقتصاديًا، وإعداد رؤية للاقتصاد الوطني مستقبلاً مع إرادة قوية للتغيير والإصلاح في ظل إدارة مؤهلة قادرة على إعادة الهيكلة الاقتصادية، واستبعاد المحاصصة والقبلية والمصالح الخاصة في اختيار قيادات المرحلة القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى