
* كتب/ د. محمود أبو زنداح asd841984@gmail.com
ليبيا دائمًا في الصفوف الأمامية لدعم القضايا العربية والإسلامية، بل وحتى قضايا الشعوب الأخرى، ليس بدافع السياسة فحسب، بل بفعل ذلك الإحساس الوجداني الأصيل المتجذر في تكوين الشعب الليبي.
هذه الروح العربية الأصيلة، المفعمة بالكرامة والعزة والتحدي في وجه الأعداء، أصبحت تتلاشى شيئًا فشيئًا بسبب العديد من العوامل.
ومن أبرز ما لفت انتباهي هو مدى ارتباط القضية الفلسطينية بكل بيت ليبي. مأساة غزة تكشف سنوات من الوحشية التي يمارسها الإنسان عندما يتحول إلى كائن شيطاني متستر برداء الدين.
وسط هذا المشهد المرعب من الدمار والقتلى، تظهر فتاة تتحدى الموت، تسير برأس مرفوع من بين أنقاض مدرسة محترقة، في مشهد يُذكرنا بقصة سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما واجه الظلم والكفر.
سيُحشر الناس يوم القيامة مع الأنبياء والصالحين، بينما سيُحشر آخرون مع أمثال نتنياهو وترامب.
الإيمان ليس مجرد عادة، والتمسك بالأرض رغم القتل والتهجير والتطهير العرقي ليس مجرد مقاومة، بل هو عبادة وثقافة متكاملة، يجب أن نغرسها في قلوب الأجيال، فالشهادة في سبيل الوطن هي ذروة الإيمان.
علينا أن نفخر بعروبتنا، وقبل ذلك بوطننا ليبيا، فهي الواجب الأول والأساس المتين الذي بناه المجاهدون ليكون منطلقًا للدعم والنضال في كل الأقطار العربية.
فإذا ارتدى غير الليبيين الزي الليبي أو تبنوا رموزنا الثقافية، فعلينا أن ندافع عن تراثنا وحقوقنا بكل قوة.
ضياع هذا المكون الثقافي، والتشتت في القضايا العربية دون التركيز على قضيتنا الليبية، سيجعلنا كمن يجرد نفسه في الصحراء.
تعاطف الشعوب شيء، وليبيا شيء آخر. علينا أن ندرك تضحيات الآباء والأجداد، وأن نغرس مفهوم المواطنة والفخر بكل ما هو ليبي، فهذا عمل مبارك. صحيح أن وزارة الثقافة غائبة بغياب العربية عنها، لكن هذا لا يعفينا من واجبنا في تنظيم المؤتمرات والندوات والمهرجانات الثقافية الليبية التي تحفظ هويتنا وتقطع الطريق على العابثين بتراثنا.
ليبيا أولًا… والعلم الليبي يجب أن يظل الرمز الأبرز في كل المحافل. هكذا يكون الإنسان حين يحب وطنه.