
* كتب/ مفتاح اسويب،
الشعوب تقدمت حينما انتقلت من “الإقصاء” إلى “الاحتواء”، ومن “الجمود الفكري” إلى “تعددية الآراء واحترام الاختلاف”.
كيف نخرج من هذه المعضلة؟
الإيمان بأن الاختلاف سُنّة كونية لا يمكن أن يتفق الناس على فكر واحد، لأنهم مختلفون في الخلفيات، التجارب، والمصالح.
التفريق بين “اختلاف الرأي” و”العداء الشخصي:”
مخالفتك لي لا تعني أنك ضدي أو أنك عدوي. من الطبيعي أن نختلف، لكن من غير الطبيعي أن نحول الاختلاف إلى خصومة.
شخصيا دائما أتطرق إلى مرحلة القذافي، ليس حقدا ولكن مرحلة القذافي مرحلة تضرر منها جل الليبيين، بل من وقفوا معه إلى آخر رمق أكثر تضررا من الذين ثاروا ضده، لذلك فهم وجهة نظر الآخر قبل الحكم عليها مهما جدا للنهوض ببلادنا.
لنتقبل بعضنا.. فالاختلاف لا يعني العداء.
في مجتمعنا، نعيش أزمة في تقبل الرأي الآخر.. نستهزئ، نُقصي، وربما نحقد، فقط لأنّ شخصًا خالفنا في الرأي أو الفكر.
لكن مهلاً.. هل تعلم أن الشعوب التي تقدمت، مرت بنفس الحالة؟ وأنها لم تنهض إلا حين فهمت أن الاختلاف لا يعني الخلاف؟
أن تُحب وطنك لا يعني أن تكره المختلف معك.
أن تملك رأياً لا يعني أن تُلغي الآخرين.
التسامح، الحوار، وتقدير الإنسان مهما اختلف.. هذه ليست شعارات، بل ضرورة لحياة مستقرة.
فلنبدأ بأنفسنا، ونتعلم كيف نسمع أكثر مما نتكلم.. وكيف نحترم قبل أن نحكم.
الوطن يتسع للجميع، والأفكار تنمو بالحوار لا بالإقصاء.
السياسة ليست حربًا، والدين ليس حكرًا، والقبيلة ليست سلاحًا
من حقك أن تؤمن بفكرة سياسية معينة.. لكن ليس من حقك أن تلغي الآخرين أو تخوّنهم.
من حقك أن تعتز بقبيلتك.. لكن ليس من حقك أن تحتقر قبائل الناس وتُفرّق بينهم.
من حقك أن تعتقد في مذهبك.. لكن ليس من حقك أن تكفّر أو تحتقر من يخالفك.
هل نريد أن نبقى أسرى حلقات مفرغة من التعصب والكراهية؟
أم نريد أن نعيش في وطن يحترم الإنسان، لا لأنّه من قبيلتي أو حزبي أو مذهبي، بل لأنه شريك في وطني؟
دروس من التاريخ: الشعوب التي تقبلت اختلفت وتقدمت:
جنوب أفريقيا تجاوزت الكراهية العرقية عندما قال نيلسون مانديلا: “أنا لا أُعادي من ظلموني.. بل أبني وطنًا يتسع لهم ولي.”
أوروبا كانت تحرق الناس بتهمة الهرطقة، لكنها اليوم تعيش حرية فكرية لأنّها تعلمت احترام التنوع.
ماليزيا فيها أعراق وأديان مختلفة، لكنها نمت لأنها جعلت التنوع مصدر قوة، لا صراع.
نحتاج إلى ثقافة جديدة: الحوار بدل الصراخ، التفاهم بدل التخوين، القبول بدل الإقصاء.
تقبل الآخر لا يعني أن تتنازل عن قناعاتك، بل يعني أن تحترم حق غيرك، أن يختلف معك دون أن تُهاجمه أو تُسفه أحلامه.
رسالة لكل ليبي وليبية
إذا لم تتغير هذه العقلية فإننا لن نجرم في حق أنفسنا فقط بل في حق الأجيال القادمة أيضا، ولا مفر لنا الآن إلا أن نتغير.
دعونا نبني وطنًا يتسع للجميع، لا وطنًا يُقسم الناس إلى “معي أو ضدي”.
دعونا نعلّم أبناءنا أن يفتخروا بهويتهم دون أن يحتقروا الآخرين.
دعونا نختلف، لكن نُحب، نتحاور، نبني، لا نُهدم